مع اقتراب الإعلان عن لائحة رسوم الأراضي النهائية وبدء تطبيقها خلال شهر رمضان سيدخل القطاع العقاري في مرحلة مميزة أقرب لولادة جديدة ليكون ولدا بارا بالاقتصاد في إحدى مراحله المهمة بعد انطلاقنا لتحقيق رؤية السعودية الجديدة خلال السنوات الخمس عشرة القادمة بإذن الله.
وبعيدا عن النقاشات الحادة المتعلقة بالعقار، سأستعرض بعض الجوانب المتوقعة للاقتصاد آخذين في الاعتبار رؤية السعودية 2030 والإجراءات الإصلاحية المتعلقة بها والتي تم عملها خلال سنة 2015م.
أهم هذه الإجراءات كان متعلقا بهيكل الميزانية العامة الجديد وإقرار السياسات العامة للتمويل العقاري التي ستكون الأعمدة الأساسية لبناء سوق الرهن العقاري السعودي خلال السنة الحالية بإذن الله.
الميزانية العامة تم هيكلتها بشكل مختلف منذ السنة الحالية حيث تم فصلها عن تذبذبات أسعار النفط بشكل نهائي، فزيادتها أو نقصها السنوي سيكون منفصلا عن أسعار النفط، وسيكون محدوداً بنسبة نمو 5% سنويا بحسب تصريحات المسؤولين، كما لاحظنا، فميزانية السنة الحالية شبيهة بميزانية سنتي 2010 و2011 عندما كان الصرف الحكومي الفعلي ما بين 654 إلى 827 مليار ريال حيث كان الصرف الرأسمالي في نفس الفترة ما بين 199 إلى 276 مليار ريال بمتوسط 237 مليار ريال.
هذا الإجراء في الميزانية سيكون له انعكاس مباشر على معدل نمول الناتج المحلي خلال السنوات القادمة بداية من السنة الحالية، فإن افترضنا استمرار عمل هيكل الميزانية الجديد، وأن السعودية قررت التخلي عن مشروع رؤيتها الجديد فمن المفترض أن يؤدي ذلك إلى انكماش في الناتج المحلي ما بين 5 إلى 19% خلال سنة 2016م ويليه نمو سنوي بمقدار 5% في الناتج المحلي متوافقا مع الميزانية حتى سنة 2025 بحيث لن يتجاوز مستواه خلال سنة 2013م. هذا السيناريو احتماله ضئيل جدا، وأفترض ثبات المتغيرات الأخرى لتوضيح أثر هيكل الميزانية الجديد على معدل نمو الناتج المحلي لأهميته خلال الفترة القادمة.
ومع أن مشروع رؤية السعودية 2030 تم إعداده ليساعد الناتج المحلي على النمو بعيدا عن الصرف الحكومي ولكن احتمال ضعف نمو الناتج المحلي خلال السنة الحالية أو حتى انكماشه يعتبر قائما ويعتمد بشكل أساسي على السرعة في تنفيذ مشروع الرؤية خلال السنة الحالية، وبشكل أساسي الخطط المتعلقة بسوق السكن المحلي والتي تشمل البدء في تنفيذ السياسات العامة للتمويل العقاري التي تم إقرارها خلال السنة الماضية.
سوق السكن المحلي هو القطاع الوحيد القادر على أخذ محل الصرف الحكومي سريعا في التأثير الإيجابي على الناتج المحلي وذلك بعد تفعيل مفاصل قطاع الرهن العقاري التنظيمية خلال السنة الحالية بإذن الله.
خلال الفترة الماضية، كان نمو قطاع السكن الطبيعي في الناتج المحلي يصل إلى 3.5% سنويا وفي حال بدء عمل سوق الرهن العقاري خلال السنة الحالية فمن المرجح ان يضيف ذلك معدل 100 مليار ريال سنويا، إضافة إلى النمو السنوي الطبيعي، ليتجاوز حجم سوق الرهن العقاري حاجز الترليون ريال خلال سنة 2025م بإذن الله.
آخذين في الاعتبار أثر مشروعات الرؤية، هذا النمو في سوق السكن من المفترض أن يدفع بقية قطاعات الناتج المحلي للنمو، بخلاف المتعلق باستخراج النفط، بحيث يدفع الناتج المحلي للنمو لمستويات تتجاوز 5 ترليونات ريال قبل نهاية سنة 2025م بإذن الله. هذا لا يعني أن سوق السكن يملك العصا السحرية، ولكنه سيؤدي دور السائق للاقتصاد معطيا المجال لمساهمة مشروعات الرؤية الأخرى في النمو بفعالية بإذن الله وعلى رأسها سوق تداول المؤسسات المتوسطة والصغيرة والجديدة.