إلى أي حد أصبح المواطنون، خاصة الشباب، يلمون بالفرص المتاحة لهم للحصول على مسكن مناسب؟ وكيف أثرت التطورات الاقتصادية والاجتماعية “المتسارعة” التي شهدتها البلاد على سياسات الحكومة في تسهيل حصول المواطن على السكن؟ وما الخيارات المطروحة لتتوافق حلول الدولة لمشكلة الإسكان مع التغيرات والمستجدات؟
تقديرنا أن الإجابة عن هذه التساؤلات تضع مشكلة الإسكان في إطارها الصحيح وفي سياقها الموضوعي، وتطوق بل تكبح المرجفين والمشككين، وتضع حداً لما يبثونه من معلومات مضللة توهن ثقة المواطن في البدائل العملية التي تقدمها الدولة، مما يجعل كثيراً من الراغبين يهدرون مورد الوقت في الاستفادة من الحلول الإسكانية.
أستطيع القول باطمئنان إن الشعار المرفوع لتعريف المواطن على الحلول الجديدة لمشكلة الإسكان هو “المسكن الملائم في الوقت المناسب من العمر”.. فالوقت عنصر مهم في إشباع تطلع الراغب في امتلاك مسكن، وهذا المفهوم يتضح جلياً إذا تمت قراءة الخيارات والحلول الجديدة مع التوجه القديم الذي ظل الصندوق العقاري يعتمده، فالصندوق يقول الآن: إنه ليمضي في تطبيق برنامجه المعتاد للتمويل يلزمه 40 سنة لإتمام قائمة الانتظار!!
ما شعور الشباب الذين في ربيع العمر (الثلاثينيات)، عندما تتم مواجهتهم بهذه المعلومة التي لا شك في أنها صادمة وباعثة على الإحباط، هل لديهم قدرة على الانتظار؟ وهل هم على استعداد لانتظار أمل بهذا الامتداد الزمني لتنصرم سنوات العمر؟
لذلك، أي في ظل عدم إمكانية قيام الصندوق بدوره كما السابق، تم طرح بدائل لتمويل العقار تحقق “المسكن الملائم في الوقت المناسب من العمر”؛ وفحوى هذه البدائل ببساطة شديدة هو أن وزارة الإسكان، بوصفها الجهة المكلفة برسم السياسات الإسكانية ودعم العرض وتمكين المستفيدين من خلال التنظيم والحفز ومراقبة السوق العقارية، اتجهت لبناء شراكات مع مطورين عقاريين مؤهلين لتطوير مساكن عالية الجودة ومتناولة بحدود 250 ألف إلى 700 ألف ريال للشقق والدبلكسات والفلل، كما اتجهت ومن خلال برنامج التمويل المدعوم لعقد اتفاقات مع بنوك وشركات تمويل عقاري لتمويل الراغبين بشرائها ممن هم على قوائم الانتظار على أن يتكفل الصندوق العقاري بسداد الفوائد.
وأمام طيف واسع من الخيارات للمواطن اختيار الملائم الخيار الملائم لقدراته الاقتصادية وحاجته الاجتماعية وتحويل الإيجارات التي يدفعها إلى إلى أقساط شهرية تمكنه من امتلاك كامل المسكن بمرور الزمن دون أي تكاليف إضافية تتجاوز معدلات الإيجارات الحالية.
هذا هو المنظور المطروح لحل إشكاليات تملك المواطنين لمساكن مناسبة، ولا أرى غير أن يتجاوب المواطن، خاصة الشباب، مع هذا التوجه، لأنه يعالج مشكلة الانتظار الطويل الممل، ويلبي الاحتياج، ضمن تحقيقه هدف “رؤية 2030” القاضي برفع نسبة تملك المواطنين للسكن إلى 52 % خلال 5 سنوات، وعلى الشباب ألا يلقوا بالاً للمعلومة التي تأتي من غير جهات الاختصاص.