أجزم بأن مَنْ اشترى أرضًا وبنى عليها بيت العمر في حي الشاطئ، لم يكن سيفعل لو أنه علم بما ينتظره هناك، فبالرغم من أنه يعتبر من أجمل وأرقى الأحياء في حاضرة الدمام، إلا أن وضعه بات مزعجا ومتعبا لسكانه، فالدخول أو الخروج منه في الصباح والمساء، أمر لا يطاق، ويحتاج لصبر طويل، أما في أيام الإجازات أو المناسبات الوطنية، فحدث ولا حرج، حيث يتحول إلى ما يشبه السجن الكبير لسكانه.
قبل خمسة أعوام وفوقها خمسة أشهر، نشرت إحدى الصحف المحلية خبرًا أفرح سكان الدمام بشكل عام وسكان حي الشاطئ بشكل خاص، فقد أعلنت الأمانة آنذاك أنها اعتمدت إنشاء جسر بحري معلق ضمن مشروع الملك عبدالله الحضاري، سيربط حي الشاطئ غربًا وحي الحمراء شرقًا فوق مياه البحر، مؤكدة أن تصميمه سيكون بطريقة هندسية مميزة باعتباره معلما حضاريا لمدينة الدمام، وسيسهم الطريق المرادف له في تخفيف الازدحام المستمر على طريق الخليج العربي؛ كما سيربط بين كورنيش سيهات ودوار سيهات من جهة الغرب وطريق الملك عبدالله في حي الشاطئ من جهة الشرق مارًا بموقع المشروع ومرتبطًا بالطريق الدائري ليوفر المدخل والمخرج الملائمين للقادمين من عدة اتجاهات في مدينة الدمام، بما في ذلك من تصميم متميز للتقاطعات (جسور وأنفاق)، بالإضافة إلى تصميم متميز للجسر المعلق في جزء من الطريق المار عبر البحر، الذي يربط حي الشاطئ غربًا وحي الحمراء شرقًا كما ذكرت آنفًا.
لقد تسلمت الأمانة آنذاك الميزانية المخصصة للمشروع، ولكنها لم تنفذ شيئًا مما أعلنته عبر وسائل الإعلام، وبغض النظر عما إذا كانت تلك الميزانية قد عادت لوزارة المالية أو صرفت في مشاريع أخرى، فإن النتيجة واحدة وهي أن الدمام فقدت أحد أهم مشاريعها، وأن سكان الحي ما زالوا في سجنهم الكبير، ناهيك عن الاختناق غير المعقول ولا المقبول عند دوار الصدفة.
واقع ينطبق عليه قول الشاعر إبراهيم ناجي في ملحمة «الأطلال».. كان صرحًا من خيال فهوى. والسؤال المهم هو «مَنْ الذي هوى بهذا المشروع ولماذا!؟».