الكثير من الأحياء التي تم تخطيطها لتكون أحياء سكنية تحول معظمها وبقدرة قادر إلى مناطق تجارية تنتشر فيها المحلات العشوائية بعد أن تم تحويل بعض شوارعها من سكنية إلى تجارية، حيث اختلط الحابل بالنابل. وقد كتبت أكثر من مرة بأن أنظمة الأمانات هي المسؤولة عن تكرار نماذج كئيبة في مختلف مدن المملكة. فأينما ذهبت شرقا أو غربا، شمالا أو جنوبا، فإنك ستشاهد شوارع ومباني ومحلات بلا جماليات أو تخطيط وبشكل متشابه في جميع المدن. حيث الشوارع الطويلة والتي تنتشر فيها المحلات بشكل فوضوي.
هناك حديث عن جودة الحياة وعن أأنسة المدن كجزء مهم من رؤية المملكة 2030، لكن ما نشاهده على أرض الواقع هو عكس ذلك بسبب تساهل البلديات مع استهتار المكاتب الهندسية بالنواحي الجمالية للمباني، بالإضافة إلى عدم اهتمام مهندسي التراخيص بالجزء المعماري من أي مشروع، وعندما ظهرت علينا فكرة تخصيص مواقع في وسط الأحياء للنشاط التجاري لخدمة الساكنين، فرحنا بتلك الخطوة قبل أن نتفاجأ بأن ضررها أكثر من نفعها، فبدلا من تنوع الأنشطة المرخص لها لخدمة سكان الحي، أصبحت مجمعات للمطاعم وكما لو كانت على الواجهات البحرية. حيث تحولت تلك المواقع لتجمعات شبابية من خارج الحي تسهر حتى ساعات الصباح الأولى رغم إغلاق المحلات، وأحيانا يصاحب ذلك التجمهر سباقات جنونية وتفحيط متقطع. فأي خدمة تقدمها الأمانة جراء الترخيص لهذا الكم الهائل من المطاعم والمقاهي داخل الحي!؟. فلا قاطنيه استفادوا من وجود المجمع داخل حيهم بتعدد أنشطة الخدمات ولا هم سلموا من شرورها.
أما المصيبة الأكبر فهي عندما ترخص الأمانة لتلك المجمعات بارتفاعات أكبر من الارتفاعات المسموح بها للحي، حيث تتعرى حرمة البيوت المجاورة وتصبح مكشوفة أمام مرتادي المقاهي في الأدوار العلوية، مما يدفع أصحاب المساكن لرفع الدعاوى على أصحاب تلك المجمعات وعلى الجهات التي تجاوزت نظام الارتفاعات ورخصت لها.