لا تخلو مدينة أو قرية سعودية من تواجد العمالة الأجنبية، وهذا أمر طبيعي. ولكن غير الطبيعي، هو سكنهم داخل الأحياء وبين العائلات، وفي بيئة غير مناسبة. ما زالت مساكن العمالة تشكل هاجسا أمنيا وبيئيا واجتماعيا. ومع كل الاحترام والتقدير لإنسانيتهم، فإن التجارب أثبتت بأن تواجد العزاب من أصحاب الوظائف «المتواضعة»، بين سكن العائلات، له أضرار اجتماعية كبيرة، كما أن له تأثيرا سلبيا على تطور الحي الذي يسكنونه وانخفاض قيمته العقارية.
هناك أراض كبيرة وواسعة لدى الأمانات بعيدة عن المناطق السكنية، وضمن النطاق العمراني المعتمد لها، ويمكن لأي أمانة تخصيص أجزاء من تلك الأراضي التي تملكها وفق آلية الاستثمار الجديدة، لصالح مشاريع لإنشاء مدن عمالية حديثة، بالتشارك مع القطاع الخاص، ضمن ضوابط تعمل على توفير مجمعات للعمال تمتاز بمعايير الراحة والأمان، مع تقسيمها لفئات حسب الدرجة الوظيفية.
المساكن الحالية للعزاب والمنتشرة بين الأحياء الفقيرة، لا توفر أدنى المعايير التي يحتاجها العامل، مثل الساحات الرياضية والملاعب، والمرافق الخدمية والرعاية الصحية. كل ذلك يمكن تأمينه في المدن العمالية المقترحة، كما أن ظروف السكن الحالية لا تسمح بتخصيص مساحات كافية لكل عامل، بينما يمكن تخصيص عشرة أمتار مربعة للعامل كحد أدنى، وهي مساحة تضمن بيئة سكنية صحية.
من الطبيعي أن تكون هناك خطط أمنية، تربط جميع المجمعات السكنية العمالية بغرفة العمليات بمديريات الشرطة، مع إمكانية إعداد خطط أمنية للسيطرة على التجمعات عند الحاجة.
فكرة المدن العمالية ليست موجهة ضد العمالة، بل هي فكرة متوازنة تجمع ما بين حماية خصوصية العائلات والحفاظ على بيئة السكن السعودي، وبين حاجة العامل نفسه لمناطق تحقق له بيئة سكنية مشجعة، يمارس فيها رياضاته ويحصل على بيئة سكنية صحية ولائقة بكرامته. أتمنى من إدارات الاستثمار في الأمانات دراسة هذه الفكرة والتعامل معها وفق مصالح الجميع.