
من أجمل الفنون الشعبیة في المملكة خصوصاً فن وشعر المحاورة أو القلطة والردیة والبدع والرد في روایة أخرى، ولھذا الفن في بلادنا أعلامه من الشعراء ورواده من الجمھور الذین تحصل لھم المتعة والتسلیة بقدرة الشاعرین على فتل المعنى ونقضھ في وقت قصیر وبعد أن تردد الصفوف فتل أو بدع المعنى لشاعر المحاورة یشیر بیده الشاعر الآخر للصفوف على قدرتھ على النقض قائلاً: «خلوھا» وھكذا یمضي لیل الحاضرین بین فتل ورد ومتعة وحكمة لا تنتھي.
تذكرت كل تلك الحفلات الشعریة الصاخبة وأنا أستمع لحوار معالي أمین مدینة جدة مع أحد المقاولین ولكن دون تحصیل «المتعة» المعتادة عند شعراء المحاورة والعرضات، بل إن العبرة لتكاد تخنقك مع الأسف؛ لأن حفلة معالي الأمین والمقاولین جمھورھا «مغصوب» على سماعھا ومعتاد على معاناتھا مھما كان رداءة المعنى فتلاً ونقضاً.
معالي الأمین السادة المقاولون المحترمین.. لا أفھم كمواطن عملیات ترسیة عقود المقاولات ولا المواصفات الفنیة الھندسیة ولا عقود التسلیم والدفعات والتأخر والتعثر وعقود الإشراف الاستشاریة وإدارة المشاریع ولا تھرب كل طرف من عملیة التنفیذ والإشراف والمراقبة ورمي التھم على الطرف الآخر؛ ولذلك لن أتحیز وأستمتع كما یحدث معي عند مشاھدة أو سماع ملعبة أو عرضة، كما لا یعنیني كمواطن تشكیككم وعتابكم لبعضكم البعض وفتل الرد ونقضھ فنحن لسنا في ملعبة أو عرضة نستمتع بھا أو نطرب لھا، بل إزاء خدمات
ومسؤولیات وطنیة ومھام متعددة على كل الأطراف ضمن عقود قانونیة مؤرخة وملزمة ومدفوعة القیمة؛ ولذلك أقول لكم فعلاً كما یقول شعراء المحاورة خلوووووھا!
نعم خلوووھا! إذا كنتم لستم قادرین إلا على الشكوى فتلاً ونقضاً، ولستم أیضاً قادرین على مجاراة حلم القیادة ورؤیتھا فأرجوكم خلوووھا لمن ھو قادر على تنفیذ طموحات قیادة المملكة وشعبھا ورؤیة 2030 ومجابھة التحدیات بقلب شجاع ووفق قوانین وأنظمة الدولة ورؤیتھا وبرامجھا، ولیس عیباً أن تخلوھا، فھي أفضل من الشكوى والتشكي والعتاب ما بین السائل والمسؤول، ففي دواوین الشعر العربي ما یفیض به بحر جدة من الشكوى والعتاب والأنین.