يقف المرء حائرا امام ما يحدث في أسواقنا وقطاعات الاعمال لدينا، حيث التناقض والتباين في الآراء بين فريقين مستفيد من السوق ومستهلك يبحث عن حلول وبينهما محلل او كاتب يدلي بما يعتقد، المشكلة في الحيرة والتشتت الذي يصيب المتلقي من كمية المعلومات التي يتم ضخها في وسائل التواصل الاجتماعي ولا يحكمها أي ضابط مهني او قانوني بل غالبيتها اراء فردية.
الصراع الذي يعيشه سوق العقارات لدينا يؤكد ان التناقضات مستمرة ومتكررة ومن عدة مصادر وتحكمها العواطف في معظم الأحيان. لقد ملّ المتلقي من الحديث عن ازمة الإسكان والحلول المتعددة والمكررة فالجميع أصبح يتحدث ويقرر ويضع الحلول التي يراها بعيدا عن فهم تعقيدات السوق والمعطيات التي تحكمه وخصائصه والقطاعات المرتبطة فيه وانعكاسه على المستفيد النهائي.
حينما كان عدد القروض الموافق عليها للحصول على التمويل أو قروض الصندوق العقاري لا يتجاوز 4500 اسم سنويا على مستوى المملكة في منتصف الثمانينات الميلادية والتسعينات وحتى بداية الألفية، كان الجميع يمتعض ويطالب بمزيد من الأسماء وكان الانتظار طويلا.
وعندما انفرجت الأمور وزاد عدد القروض حتى وصل الى 50 ألف قرض سنويا بالإضافة الى زيادة رأسمال الصندوق عدة مرات، لم نكتف بقيمة القرض بل زاد سقف المطالبات لرفع قيمة القرض الى 500 ألف وتم ذلك وتحققت مطالب المواطنين عدة مرات.
قبل عامين توقف استلام القروض الممنوحة من الصندوق واضطر أكثر من 120 ألف مقترض لعدم لتعليق قروضهم حتى يومنا هذا بسبب عدم توفر الأرض وغلاء أسعار الأراضي وارتفاع أسعار الوحدات السكنية الجاهزة، سعت وزارة الإسكان وادارتها الجديدة بعد الضغوط لإيجاد البدائل وتوفير الكثير من الحلول التي تساعد على التملك ومنح المحتاجين للسكن عدة عروض لاختيار أفضلها حسب امكاناتهم ونظام الوزارة.
ومنها برامج الدعم السكني التي ستقدمها الوزارة للمواطنين وبرنامج ارض وقرض والقرض المعجل وقروض الصندوق العقاري وآخرها قرار تخفيض نسبة الدفعة الأولى من 30 بالمئة الى 15 بالمئة والتي كانت سببا في عدم الاقبال على الشراء بنظام الاقتراض لارتفاع النسبة. وبعد تخفيضها بدأت حملة في وسائل التواصل الاجتماعي ضد برامج وزارة الإسكان وتحذر من القروض وتقرر فشل الوزارة رغم ان هذه البرامج لم تجرب بعد، وينظر على انها بمثابة انقاذ للعقاريين والمحتكرين حتى لا تنخفض أسعار الأراضي والعقارات.. .
لم نرَ هذا الاندفاع المحموم للتحذير من القروض الاستهلاكية التي تورط فيها الكثير من المواطنين طوال السنوات الماضية وذهبت في سوق الأسهم والكماليات تحت علم ونظر محللي الأسهم الذين تحول بعضهم الى العقار، رغم ان القرض بهدف شراء عقار أفضل وأسلم. وهذه الحلول يستفيد منها فئة وليس الجميع، وهذا تأكيد على اننا نعيش التناقضات من أوسع ابوابها.