
أبرز ملامح ومؤشرات مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب» في دبي الذي اختتم مؤخرا تؤكد أن السوق العقاري وسوق الإنشاءات في الخليج يعيش وضعا ممتازا؛ حيث كشفت أعمال وعروض المؤتمر عن الاستعداد لتدشين مشروعات عقارية وسياحية تزيد كلفتها عن 20 مليار دولار بحلول الأعوام الأربعة المقبلة، فضلا عن المشاركة الواسعة التي تمثلت بـ 300 عارض من كبريات الشركات العقارية من 30 دولة.
وقد لفتتني تصريحات أحد القائمين على المعرض عندما تحدث عن الجديد في معرض هذا العام فقال إنه “من حيث المحتوى ستسلط المؤتمرات المرتبطة بالمعرض الضوء على الإسكان الميسر والمخصص لذوي الدخل المتوسط”، مشيراً إلى أن “الحاجة إلى مزيد من خيارات الإسكان الميسر كانت حظيت بالكثير من الاهتمام في السنوات الماضية، إذ إن العديد من كبار المطورين في دبي بدأوا فعلاً الإعلان عن بناء مشروعات تستهدف هذه الشريحة.”
في مقالات سابقة لي أشرت إلى هذا أهمية هذا الموضوع بالنسبة لشركات الإنشاءات التي تريد الاستمرار بقوة في السوق، بحيث يجب أن نأخذ دائما بعين الاعتبار ذوي الدخل المتوسط، وقد صدرت دراسة مؤخرا في هذا السياق؛ حيث نشرت مجموعة “جيه إل إل” وهي من المجموعات العالمية للاستثمارات والاستشارات العقارية تقريراً خاصاً حول إسكان شريحة متوسطي الدخل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويكشف التقرير عن التأثير الاجتماعي والاقتصادي للنقص الكبير في حجم العرض المطلوب في هذه الشريحة السكنية، مشيراً إلى ضرورة بذل المزيد من الجهود لتصحيح الخلل الراهن بين العرض والطلب في هذه الشريحة.
وأوضح التقرير أنه “رغم وجود اعتراف عام بوجود المشكلة وطرح المزيد من السياسات والمبادرات والمشاريع التي تستهدف شريحة إسكان متوسطي الدخل، إلا أن الأمر يحتاج إلى بذل المزيد من الجهود لمنع تفاقم حدية النقص الراهن في حجم المعروض من وحدات هذه الشريحة السكنية قبل الشروع في تخفيض النقص بحد ذاته.”
إذن، على القطاع العقاري أن يواكب النمو السكاني وأيضا أن يراعي متطلبات شرائح هؤلاء السكان ومن ضمنهم أصحاب الدخل المتوسط، ولذلك فإن تفعيل برامج الإسكان بأسعار معقولة هي خيار مناسب ومهم، يجب دائما أن يعمل القطاع الخاص على الوقوف إلى جانب الحكومات من أجل تنفيذه لأن نتيجته سوف تكون استراتيجية تتمثل في سد الفجوة بين ارتفاع الطلب ونقص المعروض من أجل الحفاظ على استقرار السوق ونموه.
وبقدر ما يبعث هذا التطور والنمو المهم في سوق العقارات والإنشاءات على التفاؤل، بقدر ما يجب أن نعمل دائما بحذر ونواكب كل التحديات ونعمل على التحضير من أجلها بحيث نحافظ على قوة السوق، وهنا أشير إلى تقرير لمؤسسة “ألبن كابيتال” العالمية والذي توقع أن “ينمو عدد السكان في منطقة الخليج بمعدل سنوي مركب يبلغ 2.5 في المئة من عام 2014 حتى عام 2018، ليصل إلى 56.9 مليون نسمة، ما يؤدي إلى ارتفاع الطلب على العقارات السكنية والتجارية ومنشآت التجزئة والضيافة والرعاية الصحية والترفيه، والبنية الأساسية عبر أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي.”