![عبدالله بن ربيعان](https://i0.wp.com/aqartalk.com/wp-content/uploads/2014/11/عبدالله-بن-ربيعان-150x150.jpg?resize=150%2C150)
تحاول وزارة الإسكان نفي تهمة محاباتها للتجار والمطورين على حساب المستحقين، إلا أن سلوك الوزارة وتصرفاتها تقول عكس ذلك، وما تأخر مشروع إسكان الرياض لمدة 15 شهراً عن موعد تسليمه المعلن إلا دليلاً على عدم جدية الوزارة في حل مشكلات الناس المنتظرين لمشاريعها.
فإن كان حل الأزمة السكنية في أهم المدن السعودية وأكبرها مشكلة يسمح بتأخير مشروع هو عبارة عن زفلتة وإنارة بسيطة لـ5 ملايين متر مربع لما يزيد عن عام كامل فلا تسأل عن بقية المشاريع.
المتتبع لسلوك الوزارة منذ تعيين وزيرها الجديد يرى أنها تحاول مسك العصا من المنتصف، وتسعى إلى تطبيق ما يسمى «لعبة يربح – يربح Win – win game»، فتحقيق حلم المواطن في تملك المسكن يمر عبر المطور فيستفيد الأول ويستفيد الثاني. وهذه سياسة أو استراتيجية جيدة على المدى الطويل، ولكن في حال وجود أزمة وتذمر شعبي بسبب أزمة السكن التي تكبر ككرة الثلج يوماً بعد آخر فإن آخر ما يجب أن تفكر فيه الوزارة هو اللجوء لهذه الاستراتيجية في الأجل القصير.
وبمناسبة «لعبة يربح – يربح»، فبرنامج «نطاقات» قائم على هذه الاستراتيجية، فالتاجر يدفع 2000 ريال كلفة العامل الوافد، ويوظف سعودي فيقوم صندوق «هدف» بإعادة هذا المبلغ كمساهمة في راتب السعودي، وكانت النتيجة أن زاد عدد الأجانب وزادت حوالاتهم وفي الوقت نفسه زاد عدد السعوديين الذين وظفتهم ودعمتهم الوزارة من خلال «هدف» إلى مليون شخص منذ انطلاقة «نطاقات» قبل أربعة أعوام، بحسب تصريح وزير العمل الأخير في مجلس الشورى، وهو وضع غريب أن يحدث ولكنه حدث فعلاً نتيجة تطبيق هذه الاستراتيجية.
ولكن المشكلة أن « لعبة يربح – يربح» التي عملت بشكل جيد في إرضاء الجميع خلال الطفرة ستتحول إلى «لعبة يخسر – يخسر Lose – lose game» إن جاز التعبير، إذ ينتظر تقليص عدد السعوديين كلما تم تقليص عدد العمالة الوافدة بالنسبة والتناسب، سيما مع كبر حجم السعودة الوهمية التي نتجت عن نطاقات، وهو ما يجب أن تنتبه له وزارة العمل وتسعى إلى تقليص آثاره السالبة مع بوادر الركود الحالية.
عودة إلى الإسكان، فما تحتاجه الوزارة حالياً هو العمل على استراتيجيتين، أولاهما قصيرة الأجل بل وعاجلة، والأخرى طويلة الأجل. فقصيرة الأجل هي أن تقوم الوزارة بتوزيع ما لديها من منتجات وأراضٍ على قوائم المستحقين لديها، وهذه لها الأولوية القصوى للتنفيس من الاحتقان الشعبي، وهو المتاح في يد الوزارة فعله حالياً، ولا يطلب منها أكثر من ذلك في الوقت الحاضر.
الاستراتيجية الثانية وطويلة الأجل هي دعم المطورين العقاريين لزيادة عرض الوحدات السكنية في الأجل الطويل، وهي استراتيجية يجب أن تلعبها الوزارة بذكاء. فالمشكلة الحقيقية لأزمة السكن في المملكة هي مشكلة أراضٍ، وعلى الوزارة ألا تأخذ الأراضي المستحقة للناس وتقدمها مجاناً للمطورين، بل يجب عليها أن تشجع المطورين على تطوير وبناء ما يملكونه هم فعلياً من أراضٍ ومخططات. ويكون دور الوزارة تسريع الفسوحات وإقراض هؤلاء المطورين وضمان عرض ما يضيفونه من مساكن للبيع بشروط معينة في مقابل قروض صندوقها العقاري. وأؤكد مرة أخرى أنه يجب على الوزارة عدم إعطاء المطورين أية أراضٍ خصصتها الحكومة للإسكان، بل يجب توزيع هذه الأراضي على المستحقين فعلياً للسكن وينقصهم تملك الأرض، وحث المطورين من خلال القروض والضريبة لتطوير أراضيهم وبنائها. وبذلك تضمن الوزارة زيادة المعروض من الأراضي من جهتين، الأراضي التي توزعها على المستحقين، والأراضي التي يملكها ويتقدم بها ملاكها من العقاريين لتطويرها بأنفسهم أو بالشراكة مع مصارف ومؤسسات مالية أخرى.
ختاماً، وزارة الإسكان منذ نشأتها وهي تتقلب ذات اليمين وذات الشمال بلا خطة واضحة، وبلا توجه يحسم الأزمة لأن كل حلولها للأسف بعيدة عن لب وجوهر المشكلة وهو زيادة المعروض من الأراضي. ولكنــــها اليوم وبعد أن امتلكت الملايين مــــن الأمتار تستطيع حل الأزمة ببساطة وهدوء، بشرط ألا تخلط الأوراق وتقدم مصلحة المطورين على مصالح المستحقين وليس العكس. ولها كل التوفيق.