قلت في مقال سابق نشر هنا في 2015 إن حل أزمة الإسكان كما يراه الجميع هو في تبسيط إجراءات “التمويل العقاري”، وتشجيع المنافسة بين المصارف، حيث تؤكد التجارب أن أغلب الحلول الأخرى أثبتت فشلها خاصة إذا ما علمنا أن تقديرات السوق العقارية تؤكد وجود ما يقارب مليون وحدة عقارية للبيع تغطي الطلب الحالي بزيادة 20 في المائة، وهذا يعني أننا لسنا في حاجة إلى بناء مشاريع جديدة متى ما كانت برامج التمويل مواكبة للطلب وفي متناول المواطن.
وخلال الأشهر الستة الماضية كان هناك تحرك ملموس من جانب وزارة الإسكان وشركائها في صندوق التنمية العقارية ومؤسسة النقد في المصارف الأخرى نحو تحقيق هذا الهدف.
وقد أثمر هذا التحرك عن نجاح مرحلي جيد يمثل بداية لمرحلة جديدة تلعب فيها المصارف دور الممول الرئيس بضمانات الصندوق العقاري، وبالتالي يستطيع كثير من المواطنين شراء منزل العمر ببساطة دون التردد على وزارة الإسكان أو انتظار دفعات الصندوق العقاري، وبالأرقام هناك أكثر من 55 ألف عقد تم توقيعه خلال الشهرين الماضيين تؤكد نجاح التوجه.
وحتى يستمر هذا النجاح فالأمر يحتاج إلى بعض الخطوات الإضافية ومنها:
أولا: هناك قرار بتحمل الصندوق العقاري للفوائد البنكية لمن تقل رواتبهم عن 14 ألف ريال وهذا أمر جيد لكن يفترض توسيع الدائرة لتشمل أصحاب الرواتب الأخرى لأن أزمة الإسكان قديمة ومعظم المحرومين من السكن سواء كانوا أصحاب رواتب متوسطة أو عالية هم من يدفع ثمن أخطاء مرحلة سابقة ليس لهم فيها ذنب، وتوسيع الدائرة ليشمل الدعم فئات أخرى يعني مزيدا من مؤشرات التملك للمواطنين وهذا ما تسعى إليه “رؤية 2030”.
ثانيا: قدمت وزارة الإسكان دعما ماليا عبارة عن قرض دون فوائد بقيمة 140 ألف ريال للعسكريين يساعد على تسديد الدفعة الأولى التي تشترطها المصارف وهي نسبة 10 في المائة من قيمة العقار، وأسهم القرار في إقبال العسكريين على شراء الآلاف من الوحدات السكنية، وقد شاهدت هذا بنفسي. وحتى يكتمل هذا النجاح يفترض مساواة المدنيين معهم لمدة لاتقل عن خمس سنوات، حيث إن أغلب المصارف تقوم بتحميل العميل قرضا شخصيا غير القرض العقاري من أجل تغطية الدفعة الأولى وهذا فيه إرهاق مادي للعميل وإدخاله في دوامة ديون طويلة قد لا يتحقق معها الهدف المنشود من رفع مؤشرات التملك وتحقيق الاستقرار الأسري والمادي.
ثالثا: هيئة الزكاة والدخل تتحمل في الوقت الحالي ضريبة القيمة المضافة لتملك المنزل الأول إلى حدود 800 ألف فقط وبما أن متوسط الأسعار للعقارات المبيعة في الفترة الحالية يصل إلى مليون و200 ألف ريال فأتمنى من هيئة الزكاة بالتعاون مع الإسكان والمصارف تحمل الضريبة المضافة إلى حدود مليون و500 ألف ريال للراغبين في التملك حتى لا تشكل مزيدا من الأعباء على المواطن في الفترة الحالية وحتى تتمكن وزارة الإسكان من تحقيق نسب التملك التي تنص عليها “رؤية المملكة 2030” .