نهاية الأسبوع الماضي أطلق خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – أربعة مشروعات كبرى في مدينة الرياض، أحدها مشروع الرياض الخضراء الذي يستهدف رفع مستوى التشجير في المدينة بزيادة نسبة المساحات الخضراء الإجمالية في المدينة من 1.5 % إلى 9 %، وتقليل معدل التلوث، وخفض درجات الحرارة، وتحسين البيئة والصحة العامة.
وبلاشك أن مدينة صحراوية ذات مناخ حار وجاف مثل الرياض كانت بحاجة ماسة لهذا المشروع العملاق لرفع مستوى البيئة العمرانية والمساعدة في تحسين بيئتها، وفي الواقع أجد أن مستوى العمق التفصيلي الذي تناوله الإعلان عن هذا المشروع الحيوي يبشر بخير وبمستقبل أخضر قادم للعاصمة، ولعلي أضيف هنا علاوة على ما ذكر في تفاصيل البرنامج المُعلنة من عوائد ومزايا للمدينة وساكنيها، أن التجارب العالمية الناجحة في زيادة الرقعة الخضراء والتشجير تثبت أن من أهم أسباب رفع مستوى الأمن الحضري في المدن وتقليل معدلات الجريمة هو زيادة نسبة التشجير في المدن، حيث أثبتت الدراسات التي أجريت على مدينة نيويورك مثلاً من قبل فريق مشروع ترميم نيويورك إلى أن زيادة المساحات الخضراء كانت أداة فاعلة في تحسين السلامة العامة نتيجة زيادة الحراك والارتياد الاجتماعي في تلك الأماكن التي أصبحت بمثابة مراكز التجمع الاجتماعي، وقد أدت بالفعل إلى خفض مستوى الجريمة في المدينة بأكثر من 213 جريمة في السنة في حي حضري واحد.
كما أوصت الدراسة نفسها إلى أهمية تحويل القطع والمباني المهجورة في المدينة إلى حدائق وساحات خضراء، وبتطبيق هذا الأمر على الأحياء ذات الدخل المنخفض والتي يكثر فيها عادةً معدلات الجريمة، حيث يُلاحَظ انخفاض ملحوظ في حدوث الجريمة بنسبة أقل 2 – 3 % من المعدلات المعتادة في الأسبوع.
وفي الحقيقة يأتي الإعلان عن هذا المشروع ليفتح بارقة الأمل في تحسين البيئة العمرانية المبنية بمدينة الرياض، الذي عانت فيه معظم أحيائها من الجفاف العمراني الذي سيطر عليه أعمدة البنيان والخرسانة الإسمنتية.