هناك نسبة لا يستهان بها من المواقع والمباني الحكومية كالحدائق والمدارس والجامعات التي شيدت بمساحات كبيرة على طرق رئيسة أو في مواقع مميزة وحيوية بمختلف المدن، إلا أن الملاحظ أن تلك المواقع والمباني لم ينظر لها من جانب اقتصادي ولم يحسن استثمارها أو التخطيط للاستفادة منها، فنحن نتحدث عن استثمارات معطلة والخاسر الأول والأخير جراء ذلك هو اقتصاد المدن.
إن اقتصار تلك المواقع والمباني على تأدية الدور الخدمي دون التطوير الاستثماري لها يُعدُّ تعطيلاً لمنشآت تم إنشاؤها وإنفاق الأموال لتنفيذها دون جدوى منها ولا فائدة اقتصادية مستدامة، ولذلك ينبغي التحرك سريعاً لإنعاش اقتصاديات تلك المواقع والتفكير بجدية في التحسين الوظيفي لتلك المواقع وجعلها أماكن نشطة وتحديد الاستخدامات والأنشطة التي تُمكّن من استثمارها بشكلٍ فعال، بما يتوافق مع التوجهات الاقتصادية للمدن ورؤية المملكة.
من المؤسف حقاً أن تتعطل المنفعة من تلك المنشآت، ولا يتم الاستفادة منها في تأدية أدوار مجتمعية واقتصادية، وأذكر أنني زرت جامعة كونكورديا في مونتريـال وكانت مبانيها تعج بالحيوية والنشاط جراء الأنشطة التجارية والترفيهية المتنوعة التي تمثل جزءاً أساسياً من مكونات الجامعة والتي ينتفع بها منتسبو الجامعة وسكان المدينة، وهناك أيضاً بعض الجامعات الأميركية التي استغلت مواقعها ومنشآتها وقامت بتخصيص مواقع لإقامة أنشطة اقتصادية بالشراكة مع إدارات المدن ومنها ما يعرف بـ “International Street Fair”، الذي يتم فيه تنشيط الجانب الاقتصادي والسياحي في المدينة بحيث تعرض ثقافات ومنتجات البلدان المختلفة ويفد إليها العديد من الزائرين والسائحين، وانتقلت من دورها الوظيفي المختص بالجوانب التعليمية إلى أدوار أخرى تخدم المدينة واقتصادها.
أخيراً أتطلع لأن يتم إنشاء شركة حكومية تعمل على إعادة التوظيف الأمثل للمواقع والمنشآت الحكومية من خلال حصر وإدارة الأصول الحكومية التي تتبع كافة الجهات وإعادة هيكلتها ووضع دراسات جدوى إما لتطويرها واستثمارها أو إعادة تحديد الاستخدامات والأنشطة الخاصة بها.