كشفت جائحة كورونا عن مخاطر العمالة بوجه عام، والعمالة السائبة، أو ما يطلق عليها «الكفالة»، بوجه خاص. تأشيرات يتم بيعها للتكسب المالي لا للعمل، وعمالة تُضَخُّ في السوق على غير هدى، وإتاوات تُجمع كل شهر لمصلحة الكفلاء، والخاسر الأكبر الوطن الذي يتحمَّل تداعيات العمالة السائبة، ومخاطرها الأمنية والصحية والمالية. ما يقرب من 80 في المائة من إصابات كورونا داهمت الوافدين بسبب تكدُّس العمالة في مساكن ضيقة ومخالفة للمعايير الصحية والإنسانية ومتطلبات منظمة العمل الدولية.
أغرقت مافيا التأشيرات سوق العمل بالعمالة الوافدة غير المدرَّبة التي أصبحت عبئًا على الاقتصاد والمجتمع، ومصدرًا للجريمة المنظمة، وفتحت سوق العمل السعودية أمام عصابات (القتل، المخدرات، السرقة، الخطف، الدعارة والمتاجرة بالأعضاء).
اشتكى القطاع الخاص في فترات سابقة من قيود تنظيمية، حالت دون حصولهم على التأشيرات المستحقة رغم الحاجة؛ وهو ما دفع بعضهم إلى طَرْق الأبواب الخلفية للحصول على ما يحتاجون إليه من تأشيرات. يبدو أن وضع التأشيرات أصبح أكثر انفتاحًا؛ وهو ما فاقم من أزمة العمالة الهامشية السائبة، وتكدُّسها في المدن والقرى.
ولعدم ارتباط العمالة السائبة برب عمل، يوفر لها الوظيفة المستدامة، تلجأ للتكسب اليومي الحر، والسكن في الأحياء الشعبية أو خارج المدن، أو في شقق مهملة، تتكدس فيها العمالة بأعداد كبيرة. وهناك من استغل الموقف من الوافدين للمتاجرة في قطاع الإيواء الشعبي، وتأجير السكن بالسرير لمخالفي أنظمة العمل والإقامة.
تحولت الأحياء الشعبية وبعض المنازل القديمة بعد هجرة سكانها منها إلى أوكار لمخالفي أنظمة الإقامة والعمل، وبيئة حاضنة للمجرمين وجرائمهم المتنوعة، في الوقت الذي تمثل فيه الأحياء العشوائية التي تنتشر خارج المدن خطرًا محدقًا بالأمن، والتنمية، والسلم، والعدالة الاجتماعية.
تمثل العمالة السائبة والأحياء الشعبية والعشوائية خطرًا محدقًا بالأمن، وصحة الإنسان، وسلامة البيئة، والنظام المالي. وأحسب أن جائحة كورونا كشفت عن جوانب منها، ودقت ناقوس الخطر؛ وهو ما يستوجب العمل على معالجتها جذريًّا، وأن يتم الجمع بين عمليات مكافحة كورونا والعمليات الأمنية الهادفة لتطهير الأحياء الشعبية والتجمعات السكانية المخالفة، ووضع خطة استراتيجية لتحويلها إلى أحياء نموذجية، تباهي بجمالها وتخطيطها وخدماتها الأحياء الجديدة.
المصدر: https://www.al-jazirah.com/2020/20200430/ec10.htm