يبدو أن تفاصيل ضريبة القيمة المضافة في قطاع العقارات غير واضحة حتى لموظفي الدعم والمساندة الذين فرغتهم الهيئة العامة للزكاة والدخل من أجل الإجابة على استفسارات المواطنين.
هناك أمران في الضريبة المستحقة على بيع العقارات، الأول الجهالة، والثاني الغرر، فغالبية ملاك العقار في المملكة يجهلون تفاصيل الضريبة، وقد تحاجج الهيئة بأنها نشرت تفاصيلها وهي موجودة على موقعها، وأقامت ورش عمل متعددة، إلا أنها حجة تقصر أمام حداثة الأمر وحجم المسؤولية الواقعة عليها.
تسببت جهالة ضريبة القيمة المضافة على العقار في حدوث «الغرر» على البائع وليس المشتري الذي ربما عَلِمَ بأنه من المكلفين، غير أن جهالة البائع حملته على الصمت وإخفاء الضريبة المستحقة والتغرير بالبائع في ثمن العقار الذي ربما كان مجزيًا له، إلا أن ما سيترتب عليه من ضريبة، وغرامات ستفقده الربح المتوقع.
لا خلاف على تنفيذ «الاتفاقية الموحدة لضريبة القيمة المضافة» التي تحولت إلى نظام، ووجوب تحصيل ضريبة العقار وفق النظام، غير أن تطبيقها بحزم، وفرض الغرامات الثقيلة، قبل التوعية ونشر المعرفة وإيجاد الأدوات الضامنة لتحصيلها في وقتها أضر بالمواطنين، وتسبب في إقحامهم في قضايا مالية وحقوقية ثقيلة.
التمترس خلف الأنظمة أمر لا يمكن القبول به، خاصة في شأن ضريبي يجهل الغالبية العظمى تفاصيله، كما يجهله المعنيون بتطبيقه وكثير من المحامين وكتاب العدل الذين أسهم بعضهم في تقديم نصائح ضريبية غير دقيقة ظنًا منهم بدقتها.
أعتقد أن هناك الآلاف من قضايا التهرب الضريبي المسجلة بحق بائعي العقارات، لم يعلموا بها، وستشكل كارثة مجتمعية ومالية حين مطالبة الهيئة بتحصيل ما لها عليهم ما يستوجب التدخل السريع للحد من المشكلة.
وأعظم من ذلك غرامات تأخير الإقرار الضريبي (5 %) وتأخير التوريد (5 %)، أي أن البائع سيتحمل دفع ما نسبته 10 % من قيمة الضريبة عن كل شهر، أي أنه سيدفع 120 % في السنة!.
والثاني وقف الغرامات المترتبة على التأخير حتى ترفع الجهالة عن الجميع، فلا يمكن تطبيق الغرامات الثقيلة على من يجهل معنى الضريبة أصلاً.
تطبيق الضريبة يجب أن يتم بتدرج لضمان عدم الإضرار بالمواطنين، فوجود النظام قد يكفل حق التحصيل المالي والملاحقة القانونية إلا أنه لا يعفي من مسؤولية ضمان معرفة المكلف بتفاصيل الضريبة المستحقة عليه، وتوفير أدوات ضامنة لتحصيلها، إبراء للذمة؛ وهو ما عجزت الهيئة العامة للزكاة والدخل من تحقيقه.