ارتفعت القروض العقاریة المقدمة للأفراد من المصارف وشركات التمویل بوتیرة عالیة، بعد أن زادت من 4.123 ملیار ریال عام 2013 إلى 256 ملیار ریال عام 2018 ،وھذا یعود لجملة من الإصلاحات التي قامت بھا وزارة الإسكان في بنیة البیئة التشریعیة والقانونیة، بعد أن ظلت نسبة التمویل المصرفي من أقل النسب في العالم أجمع، حیث لم تتجاوز 5.1 %من الناتج المحلي على مدى عقود، في الوقت الذي كانت ھذه النسبة تصل في أسترالیا إلى 87 %والسوید إلى 80 %.
وبالتالي فأنت تتحدث عن فجوة كبیرة ساھمت تاریخیاً في تكوین أزمة الإسكان وتعمیقھا، وعلى فرضیة أنھ تم استھداف نسبة 35 %من الناتج المحلي ولیس 80 %فأنت تتحدث عما یقارب التریلیون ریال تفوت على القطاع سنویاً مقارنة بربع ھذا الرقم یتحقق الیوم والذي لم یتحرك أصلا إلاّ في السنوات الأخیرة.
ورغم أن القطاع المصرفي ھو المعني بالتمویل لسد ھذه الفجوة، إلا أنه ینبغي عدم التعویل علیه كثیراً لجملة من الأسباب من بینھا بنیة القطاع المصرفي نفسه، وقاعدته الصغیرة نسبیا قیاسا بالاقتصاد الكلي، ومدى كفاءة وتوازن محفظة قروضه التي ظلت تنخفض عن المعدلات العالمیة في جانبین تركت فیھما أزمة تمویل یعاني منھا ھذان القطاعان وھما القطاع العقاري وقطاع المنشآت المتوسطة والصغیرة، فیما تضخمت قروضه بالمقابل في جانبین آخرین ھما الإقراض الحكومي وشبه الحكومي بما في ذلك شراء السندات والتعامل مع الشركات العائلیة أو المساھمة بالدرجة الأولى، والجانب الثاني القروض الاستھلاكیة التي وصلت إلى رقم قیاسي بلغ 339 ملیار ریال، بعد أن ظلت تتزاید لمدة عشر سنوات متتالیة تضاعفت خلالھا سبع مرات خلال 20 عاماً، في حین لم ترتفع القروض العقاریة لأكثر من ضعف واحد تقریباً خلال نفس الفترة.
وأنا ھنا لا ألوم البنوك فالمال یتدفق حسب المجرى الطبیعي للبیئة التشریعیة والقانونیة والتنظیمیة، وسیاسات التمویل یتم اتباعھا بما یضمن السداد أولاً ونسبة الربحیة ثانیا وھما ما تسأل عنھما مجالس إدارة ھذه البنوك بالدرجة الأولى أمام جمعیاتھا العمومیة.