من یعرف منطقة الباحة تاریخیاً وجغرافیاً، سیرد بـ«مش معقول» على عنوان المقال. ومن لا یعرفھا ھي منطقة تمتد من بني مالك شمالاً إلى خثعم جنوباً بما إلى جرب وكرا والسویسیة وجرد شرقاً بعرض یتجاوز 150 كم، وبھا تسع محافظات، ویسكنھا ما یقارب 150 كم.
ومن ناوان وغامد الزناد والحجرة غرباً یقارب 50 قبیلة، وعدد القُرى یتجاوز 700 قریة، فمن یتصور أن ھذا الفضاء الممتد على سھول تھامة وجبال السراة والبادیة المتسعة لا یوجد بھ إلا ھذا العدد المحدود من السكان.
لماذا أتناول موضوع عدد السكان في منطقة الباحة؟
لا یخفى على متابع للشأن العام أن اعتماد المشاریع والمیزانیات في ھذه الحقبة الإصلاحیة یعتمد على نسبة المواطنین المستھدفین بأي برامج تنمویة في أي منطقة من مناطق المملكة، وكلما زاد عدد السكان زادت الاعتمادات وكلما نقص العدد نقصت المیزانیات.
الباحة ظلِمت تاریخیاً بحكم محدودیة الوظائف منذ ثلاثة عقود، ولقلّة الفرص التنافسیة، ولتأخر فتح جامعة متكاملة والتي استكملت جانباً معقولاً من بنیتھا التحتیة.
كل ذلك أسھم في مضاعفة عدد المھاجرین منھا باتجاه المدن الكبرى، حتى جاءت التنمیة التي نعیش مظاھرھا الیوم، فكانت العودة للدیار بالھجرة المعاكسة.
ھیئة الإحصاءات العامة لا تدخر جھداً في سبیل تقدیم المعلومات القائمة على إحصاء دقیق ووقوف میداني، وربما كانت إحصائیة عدد سكان الباحة قائمة على الموظفین الحالیین والطلاب والطالبات والمتقاعدین ومستفیدي الضمان لتخرج علینا بھذا الرقم المتواضع.
وما غاب عنھا كما أظن، أن كل مواطن من أھالي المنطقة یعیش الیوم في مدینة من المدن الرئیسیة بنى له منزلاً في قریته، وھو یتردد علیه كل أسبوع أو كل شھر، ویحتاج إلى الخدمات من بلدیات وكھرباء واتصالات وطرق وماء بل ویحرص على تسدید الفواتیر شھریاً، فھل إذا حضر البیت وغاب صاحبه یسقط حقھ في الخدمات؟
أجزم بحكم عیشي في منطقة الباحة منذ ما یزید على نصف قرن أن العدد الفعلي للمواطنین في المنطقة یفوق الرقم المعلن، وقد یتجاوز عدد السكان نصف ملیون نسمة، وإسقاط إخوتنا وأبنائنا القاطنین بین مكانین (قریة، مدینة) من إحصائیة الھیئة یظلم منطقة الباحة، ویقلّص نصیبھا من التنمیة التي ھي غایة وتوجه الدولة وفقھا الله.