
ضع صديقي الثلاثيني “سلطان” نظارته على الطاولة وهو يتذكر كفاح والده في توفير المنزل المناسب لأبناءه، في “السويدي” وهو احد أحياء الرياض المتوسطة في سبعينيات وثمانينات القرن الماضي، وضاع عمر الاب وهو يدفع جزءاً هاماً من مقدراته كأقساط وديون لاكمال هذا المبنى ثم ترميمه على عدة مراحل، ورغم ذلك بات هذا المسكن الأن متهالكاً والحي الذي تغيرت وانحدرت ديموغرافيته تدريجياً على مدار الأربعين عاماً المنصرمة.
وبطبيعة الحال لم يتبقى في المبنى المال ولا “العيال” الذين كبروا واصبحوا رجال، وهاجروا للشمال “أحياء شمال الرياض” ومنهم المستأجر أو المالك أو الحاصل على “منتج سكني مع الوعد بالتمليك” من وزارة الإسكان.
وبعد وفاة أبوسلطان، مكث البيت معروضاً للبيع لعدة أشهر ولكنه لم يحقق السعر الأدنى المنطقي، وكل من يتقدم للشراء يدفع سعراً تقديراً يعادل سعر الأرض الفضاء في تلك المنطقة، وذلك استناداً إلى أن المبنى الذي تعب والده طوال عمره في تقسيطه وأبنائه؛ لم يعد له أي قيمة. وكأن قيمته الدفترية = صفر، وبالتالي ستبيعه كأرض فضاء.
الدلالة في القصة، تقود إلى ضرورة توعية المواطن السعودي بالتحرر من مبدأ ملكية العقار السكني للفرد، وذلك لمواجهة تحول هذا الأمر الى الشغل الشاغل لكل مواطن فيشغله عن تطوره الوظيفي وعن مغامراته الاستثمارية، لأن ارتباطه بالقرض السكني سيجعل الانفكاك من وظيفته الحالية شبه مستحيل، كل ما فعله بنفسه كان قرباناً لمبدأ الوعد بالتمليك، وكأنه إيجار منتهي بالتمليك أو ما يمكن تسميته بعد قصة ابو سلطان، تقسيط منتهي بالهدم.