غدا المرء متیقظًا، فقد مضى عھد السبات، كانت أخبارنا بایتة لا نسمع بالحدث إلا بعد حین، وتكون المعلومات شحیحة والآراء متضاربة، أما الآن فجمیعنا مشارك في البث والتلقي لما یموج من أخبار في محیطنا.. ومن لیلة الإعلان عن إیقاف مجموعة من الأمراء والوزراء فُتحت كل الملفات التي أذاقت المواطنین الألم والحسرة في جوانب عدیدة.
وأھم الملفات التي ینتظر الناس أن تُكشف لمعرفة من عبث في حیاتھم وسرق أموالھم ویأتي في مقدمة تلك الملفات الإجابة على سؤال: من سرق أموال المواطنین في قضیة التلاعب بسوق الأسھم وإسقاطه وشفط أموال الناس في أحقر لعبة مرت على البلد، وھذا الملف تحدیدا إذا تمت معرفة من وقف وشارك في تلك السرقة الخبیثة فإن استعادة الأموال المسروقة وإعادتھا لأصحابھا ستكون لھا الأثر الفعال في أنفس الناس، والشعور الحقیقي أن عملیة كشف الفساد والمفسدین أعادت لكل صاحب حق حقه، وإلا ماذا یعني معرفة من سرق الناس والحكم علیھ من غیر إعادة المسروق لأصحابه؟
ومن الملفات الضخمة سرقة الأراضي والأماكن العامة، فإذا كانت مساحتنا الجغرافیة كبیرة جدا فقد غدت صغیرة جدا؛ بسبب تلك السرقة، إذ یأتي كل متنفذ باجتزاء آلاف الأمتار وأحیانًا الكیلو مترات واستخراج صك بامتلاكھا، حتى غدت وزارة الإسكان تشكو من عدم وجود أرض، وغدا المواطن یبحث عن قطعة صغیرة جدا لإقامة سكن له ولأسرته، فلا یتمكن من شراء الأرض التي وصلت أسعارھا للسحاب، وتجرأ المتنفذون على سرقة الأماكن العامة، وبسبب ھذه السرقة سرقوا البحار، وأكبر نموذج لھذه السرقة سرقة بحر جدة، فھذه المدینة عبث بھا كما لم یعبث بأي مكان، ولو كنت في لجنة مكافحة الفساد التي یرأسھا الأمیر محمد بن سلمان لبادرت على الفور بالكشف عن الصكوك التي أجازت للأمراء والوزراء امتلاك تلك المساحات الشاسعة على الشاطئ، ومن یثبت صحة امتلاكه من غیر تزویر أو سرقة تتم إزالة أملاكه من على البحر وتعویضه من أموال الذین سرقوا أراضي الشاطئ وباعوھا، ومن وضع یده على البحر كرجل متنفذ تتم إزالة موقعھ وتكلیفه بتنظیف وحمل الأنقاض.
طبعًا ھذه أمنیة فإن تحققت فستستعید جدة مسروقاتھا، ویحس الناس معنى الإصلاح والقضاء على الفساد، ومن الملفات التي أدت إلى كارثة سیول جدة بیع الأراضي القابعة في بطون الأودیة ومشاریع تصریف الأمطار، ویلحق بھذا مشاریع الصرف الصحي، ویلحق بھا مشاریع البنیة التحتیة، أكاد أجزم أن التحقیق في ھذه القضیة من أجل استعادة الأموال المنھوبة في ھذا الخصوص سیؤدي إلى ثراء خزینة الدولة، فقد سرق الكثیر الكثیر.
ومن الملفات التي ینتظر الناس استعادة أموالھم منھا قضیة بطاقات سوا التي ماتت أثناء التستر على من یقف خلفھا من الشخصیات المتنفذة. وفي ھذا السیاق قضیة البندقیة وقضیة البیض… إلخ.
ومن الملفات كشف الشخصیات التي أعانت في تلك السرقات المتنوعة، وقد یكون أھم الشخصیات المشاركة بھذه السرقة ھم بعض كتاب العدل وبعض القضاة.
نعم تقف أمام لجنة اجتثاث الفساد عشرات القضایا التي تخص الدولة، وكذلك تخص المواطنین، والذي یعني الناس حقا ھو استعادة أموالھم وأماكنھم العامة المنھوبة، أما ما یخص الدولة فھي قادرة على استعادة حقھا.