من الأمور الممتعة متابعة الحسابات والمواقع المتخصصة في توثيق وإبراز مشروعات الإعمار في مدينة الرياض، وفِي غيرها من المدن.
فالتنمية تمشي في مسارها، والأجهزة الحكومية أصبحت تتنافس في إنجاز مشروعاتها حتى لا توضع في قائمة المفرطين في الموارد الماليه. وتوسيع مساحة الإعمار في المجالات الحيوية لن يتأخر إذا التزمت الحكومة بما أعلنته وهو (المتابعة والمساءلة وكفاءة الإنجاز).
هذه المشروعات الحكومية المتجددة المستمرة في العاصمة توازيها المشروعات الحيوية للقطاع الخاص، فرغم تراجع النشاط الاقتصادي، إلا أن العديد من المشروعات استمرت في مجال الفنادق، والأسواق الحديثة التي تدمج الترفيه بالتسوق، وهناك المشروعات الموجهة للإسكان، ومشروعات الترفيه، وحتى نشاط سيارات بيع الأغذية المرخصة في الشوارع تتوسع ويقبل عليها الشباب.. وهذا النشاط مدخل للتجارة سوف يخرج منه عدد من العصاميين.
هذه المشروعات تؤكد أن مسيرة الحياة لا تتوقف عند المشاكل الطارئة، فالتطوير والإصلاح الذي تتبناه الحكومة لن يتحقق بدون مشاكل وإخفاقات ومعاناة، وهذا متوقع والذي يخضع للعلاج لابد أن يتجرع مرارة الألم، ونحن نقول (وجع ساعة.. ولا كل ساعة)، والمهم أن الأثر البعيد لهذه الإصلاحات التي تجري الآن ستكون مخرجاتها في صالح المواطنين من ذوي الدخل المحدود.. وعموماً، ومن تجربتنا مع الركود الاقتصادي في العقود الماضية وبعد انحسار الركود، نجد أننا نخرج أقوى، ونخرج بتجارب ومهارات جديده للتعامل مع الأزمات.
المشروعات المتنوعة العديدة في مدينة الرياض سوف تفتح آلاف الفرص الوظيفية للشباب السعودي، كما تتيح مجالات تجارية واسعة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، ونرجو من وزارات التجارة والعمل والبلديات تشكيل فريق عمل مهمته البحث عن هذه الفرص الوظيفية والتجارية لتوثيقها، ولوضع التسهيلات والدعم للشباب وأصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
رغم قناعتنا بأهمية وضرورة رفع كفأة التشريعات والضوابط لتنظيم شئون التجارة الداخلية، إلا أن التشدد والتوسع في تطبيق الاشتراطات والرسوم على الشباب السعودي الذي نفرح الآن لاقتناعه بأهمية التجارة والعمل، يضرهم ويعيق بداياتهم وقد يصرفهم عن التجارة. هنا نحتاج خبرة وحنكة رجال الدولة.. أيضاً الرياض تحتاج رؤية أصحاب الخبرة لإدراك وتفهم أن هذا النجاح الذي نعيشه لتوسع المدينة ولنمو مشروعاتها العملاقة الذي نفرح به، هو في الحقيقة (تحد كبير) يتطلب الاستعداد له. الرياض توسعت من جهاتها الأربع بشكل مخيف، وهذا يعني ضرورة توفير مشروعات البنية الأساسية، ومشروعات التشغيل والصيانة لاستيعاب النمو.
ثمة أحياء سكنية في الأطراف البعيدة.. الذين يعيشون فيها قد لا تتوفر لهم جميع الخدمات الأساسية، ويعملون في أماكن بعيدة، والتعليم والصحة قد لا تكون قريبة منهم.. هؤلاء ربما الأفضل لهم أن يستوعبهم مجمع سكني واحد متكامل الخدمات الإنسانية الضرورية.
تكلفة إدارة الخدمات التي تحتاجها الرياض في المستقبل القريب ستكون كبيرة جداً؛ إذا نحن نتطلع إلى الحياة في مدينة عصرية توفر جودة الحياة، وتتوفر فيها البيئة الإنسانية وتخلو من التلوث البصري الذي يولِّد الاكتئاب والتوتر.. العاصمة تحتاج خطة للتنمية تحد من توسعها وتوقف نموها، وهذا ممكن مع دخول مشروع النقل العملاق.
الرياض يجب ان تنتقل إلى حقبة جديدة تأخذ بمفاهيم وأدبيات الإدارة الاقتصادية للمدن العصرية، هذا هو المسار السليم الذي يجعلنا نستثمر النفقات الكبيرة لكي تكون الرياض عاصمة تليق ببلد عظيم كبلدنا.
تحديات إدارة العاصمة ستكون كبيرة جداً.. إذا نحن بقينا نعتمد على آلياتنا الحالية. فقط فكروا بـ (المياه)، جلبها وتسويقها والتخلص منها.