أثارت أسعار الفائدة القابلة للتعديل وما تلاها من ضمانات عقارية عديدة أزمة عام 2008. تعالوا نعود إلى 2008 عام الذروة في الأزمة المالية الأخيرة. لن تعالج هذه المقالة تلك الأزمة، أو على الأقل لن تبحث في مجملها.
حصل الأفراد في الولايات المتحدة على قروض لشراء منازل، إلا أن استرداد المصارف لأموالها مضافاً إليها أرباح القروض يستغرق عقوداً من الزمن وفقاً لخطة الدفع.
ولجعل الأمور أكثر تشويقاً، بدأت المصارف بتجميع تلك الرهونات معاً لإنشاء شيء مماثل لصندوق استثمار. ثم أصدرت سندات على تلك القروض لتسترد بعض أموالها سريعاً، وتترك المستثمرين المهتمين ينتظرون انقضاء سنوات الرهن العقاري لتحصيل أموالهم.
ثم مضت المصارف قُدماً في دورها المعهود فأقرضت الأموال التي جنتها من إصدار السندات، وهكذا دواليك؛ ولكن اختلف الأمر عام 2008 والسنوات السابقة للأزمة الاقتصادية من ناحيتين رئيستين:
- تدقيق أقل لمقدمي طلبات الرهن العقاري
- أسعار فائدة قابلة للتعديل، إذ يعطيك ممثل المصرف سعراً ثابتاً أو “سعراً مغرياً” يدوم لبضعة سنوات ثم يبدأ احتساب سعر فائدة أعلى.
وعلى هذا النحو، قد يرتفع سعر الفائدة الجديد أو ينخفض حسب ظروف السوق، مما يؤدي إلى ازدياد قسطك الشهري أو انخفاضه حسب الحال.
لقد قررتُ في الآونة الأخيرة أن أحصل على قرض رهن عقاري جيد بسعر فائدة وشروط دفع مواتية. فاكتشفت خلال هذه العملية أن أحد المصارف التي وقعت اتفاقية مع برنامج الإسكان الحكومي يقدم طريقة أسهل بكثير للجمع بين كل ما ذكر أعلاه مما يوفر عناء التحدث إلى ممثلي المصارف الأخرى.
ومع ذلك بقيت مشكلة واحدة. إذ يبدأ احتساب السعر الجديد لفائدة الرهن العقاري اعتباراً من السنة الثانية، بسعر ثابت للسنوات المتبقية بالإضافة إلى سعر فائدة التداول بين المصارف (Eibor) لدى المصرف المركزي الإماراتي. ولهذا الأمر جانب جيد وآخر سيء.
فإذا انخفضت أسعار الفائدة، ستربح من خلال تسديدك دفعة شهرية أقل. أما إذا ارتفعت تلك الأسعار، وهو الأمر المرجّح حصوله إذا أخذنا بعين الاعتبار توجه سعر فائدة مصرف الاحتياطي الفيدرالي، ستخسر من خلال دفعك أكثر شهرياً، ومع ذلك، ولإخلاء المسؤولية في هذا المجال لا بد لنا من ذكر أن العديد من الناس يعتبرون الزيادة الطفيفة في أسعار الفائدة لن تشكل قضية إذا لم يكن المبلغ مرتفعاً.
ذلك صحيح، لا سيما أنني لا أتوقع رفع سعر الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي على المدى المنظور، وعلى الرغم من أنه من المعتاد في حالة الرهون العقارية أن تكون المبالغ مرتفعة وفترات السداد طويلة الأمد، إلا أن سعر الفائدة المتجه صعوداً لن يكون في صالحك عندما تعرف أنه قد يحدث في المستقبل القريب.
هناك مفهوم آخر يجب النظر إليه هنا وهو القيمة الزمنية للنقود. فإذا افترضنا أن أسعار الفائدة سترتفع وتستمر في الصعود خلال السنوات العشر القادمة، وبعد ذلك ستنخفض، فسيكون تأثير الانخفاض في وقت لاحق ضئيلاً بسبب فقدان المدخرات لقيمتها الأساسية وفقاً لقيمة المال في الوقت الراهن.
إذاً، لماذا تتبع المصارف منهجية تغيير أسعار الفائدة، بما في ذلك التغيير الذي ذُكر آنفاً في سعر الفائدة؟ يتعلق الأمر بالإقراض مقابل الاقتراض بالنسبة للمصارف. وهكذا تمثلت أزمة الرهن العقاري الثانوي، والفكرة التي أدّت إليها في السنوات التي سبقت عام 2008، في إمكانية حصول المصارف على أموالها مباشرة إذا ما أصدرت سندات للمستثمرين، وفي هذه الحالة لن تنشأ أية مشاكل إذا لم يتخلف الناس عن سداد ديونهم واستمر دخل الرهن العقاري في التدفق.
ونجم التخلف عن السداد بشكل رئيسي، عن ازدياد قيمة الدفعات الشهرية نتيجة لارتفاع أسعار الفائدة الجديدة، مما أدى إلى انهيار سوق الإسكان في الولايات المتحدة. وإلى جانب انهيار سوق الإسكان في الولايات المتحدة، انتقل الانهيار إلى المستوى العالمي بسبب:
- حجم سوق الإسكان في الولايات المتحدة.
- استثمارات الأفراد والمؤسسات في سندات الرهن العقاري التي تم إصدارها.
لستُ هنا في معرض التلميح إلى أن أسعار فائدة الرهن العقاري الجديدة قد تؤدي إلى فقاعة إسكانية في الإمارات العربية المتحدة مما يمكن أن يؤدي إلى أزمة إسكان. إلا أن هذه الأسعار الجديدة يمكن أن تخلق العديد من مشاكل التخلف عن السداد على المستويات الفردية، مما قد يؤثر على اقتصاد المستهلك. وفي نهاية المطاف أترككم مع السؤال التالي: هل سنرى إصدار سندات رهن عقاري ثانوي في الإمارات العربية المتحدة؟