مجلس الشورى يعمل حسب الصلاحيات المعطاة له من الملك وحسب نظامه ومنها دراسة الأنظمة قبل صدورها وفي حالة التباين مع مجلس الوزراء يحضر وزير شؤون مجلس الشورى في مجلس الوزراء ومعه المختصون لمناقشة أوجه الخلاف وتقريب وجهات النظر وفي حالة استمرار التباين يرفع الأمر للملك ليتخذ ما يراه..
ممارسة ديمقراطية جميلة حين يُستضاف مسؤول في السلطة التنفيذية من قبل مجلس الشورى ليناقش ويطلع أعضاء مجلس الشورى على الخطط والاستراتيجيات، وبالمقابل يوصل أعضاء المجلس صوت المواطن إلى الوزراء وإلى مجلس الوزراء، ثم إلى الملك مرجع السلطات الثلاث التنفيذية والقضائية والتشريعية. وقبل أسابيع حضر معالي وزير الإسكان إلى مجلس الشورى ومعه جميع نواب ووكلاء الوزارة ليشرح للمجلس ما لدى الوزارة من خطط ومبادرات لرفع نسبة تملك المواطنين للسكن ليصل إلى 70 % بحلول العام 2030.
والجميل في لقاء وزير الإسكان مع أعضاء المجلس هو إعطاء شكاوى المواطنين واقتراحاتهم الأولوية في الطرح ووضع جميع استفسارات المواطنين ومقترحاتهم التي تجاوزت 560 طلباً في كتاب وتسليم عدد من نسخه إلى الوزير ونوابه.
السكن من أهم متطلبات المواطن وملفه من أصعب الملفات، ولذا نجد أن وزارة الإسكان من أكثر الوزارات أهمية ومن أكثرها تعرضاً للنقد المستمر، ومن البرامج الجميلة وجود الإسكان التنموي والمخصص للأسر الأشد حاجة والمستفيدين من الضمان الاجتماعي لتمكينهم من الحصول على سكن مجاني كما يوجد مبادرات أخرى ومنها ما يخص العسكريين المتقاعدين.
اللقاء كان مفيداً ولا تنقصه الصراحة، وتمنيت لو كان الإعلام حاضراً لينقل للمواطن تلك المبادرات وردود الوزير ونوابه على أسئلة المواطنين وشكاويهم وعلاقتهم بالبنوك التجارية، فالإعلام هو الشريك والقادر على إبراز جهود السلطات التنفيذية ودور مجلس الشورى الرقابي، والقصور الإعلامي موجود والتقصير مشترك ولا تتحمله جهة واحدة، لكن المواطن لا يعرف سوى ما ينقل له من الأخبار وكيف تنقل.
وقد تعرض المجلس في السابق لحملات كثيرة تشكك في حرصه على مناقشة ما يهم المواطن وأنه يناقش مسائل بعيدة عن هموم المواطن، هل تتذكرون تلك الضجة التي تلت مناقشة تقرير هيئة الحياة الفطرية قبل سنوات حين كتبت إحدى الصحف: “مجلس الشورى يناقش بيض الحباري” فاعتقد المتلقي أن المجلس حضر ذلك اليوم لمناقشة هذا الموضوع فقط، مع أنه ناقش في تلك الجلسة سبعة بنود إضافية لم يشر إليها الإعلام وحتى سياق الخبر كان مضللاً، فالواجب أن يكتب: «مجلس الشورى يناقش ترشيد المال العام في تقرير هيئة الحياة الفطرية»، فالزميل الذي تطرق لهذا الموضوع كان يناقش دوراً أصيلاً للمجلس وهو: كم المبالغ التي تصرف على محاولة تكاثر طيور الحباري؟ وليس هذا سوى مثال بسيط على دور الإعلام وقدرته على إيضاح الحقائق أو حجبها أو التلاعب بالكلمات لغرض التشويق والإثارة.
مجلس الشورى يعمل حسب الصلاحيات المعطاة له من الملك وحسب نظامه ومنها دراسة الأنظمة قبل صدورها وفي حالة التباين مع مجلس الوزراء يحضر وزير شؤون مجلس الشورى في مجلس الوزراء ومعه المختصون لمناقشة أوجه الخلاف وتقريب وجهات النظر وفي حالة استمرار التباين يرفع الأمر للملك ليتخذ ما يراه. أما شقه الرقابي فيتمثل في دراسة التقارير السنوية لجميع الوزارات والهيئات الحكومية واستضافة المسؤولين فيها لإيضاح وجهات نظرهم ومناقشتهم قبل إصدار التوصيات التي في حالة نجاح التصويت عليها بالأغلبية تحت القبة تصبح قرارات ترفع للملك. إضافة إلى جهود لجان الصداقة مع الدول المؤثرة وإيضاح مواقف المملكة حيال الكثير من القضايا.
مجلس الشورى حديث مقارنة بالبرلمانات العريقة التي مضى على إنشائها مئات السنين وعلى سبيل المثال فقد احتفل البرلمان المصري قبل عامين بمناسبة مرور مئة وخمسين عاماً على إنشائه.
ما يدور من نقاش تحت القبة أو داخل اللجان وما يقدم من اقتراحات يتم في جو تسوده المحبة والاحترام والرقي لوجود نخبة تمثل جميع شرائح المجتمع وكل التخصصات المطلوبة لدراسة التقارير، ومن الممكن زيادة فائدته وخاصة في هذا التحول الجميل الذي تشهده المملكة بالتركيز على استمرار حسن اختيار أعضاء المجلس، وتزويده بمركز أبحاث متقدم يجعله مصدر الكثير من الاستشارات للدولة، وفي مجلس الشورى تمثل جميع مناطق المملكة بصورة متوازنة.
المملكة دولة مؤسسات وسلطات مستقلة مرجعها جميعاً الملك وهو ما يضمن استمرار الخطط والاستراتيجيات ودراستها من أكثر من جهة لتقليل الأخطاء وتعزيز الشفافية والدور الرقابي المطلوب لحفظ المال العام وحسن توظيفه واستثماره.