ظل تمكن أزمة السكن أزمة تحاصر نسبة كبیرة من المواطنین السعودیین لسنوات طویلة، وھـو ما تنبھت له الدولة حیث أطلقت من أجله ھیئة خاصة أصبحت فیما بَعـد وزارة مستقلة الدعم بشتى صوره، ولكن كل ذلك لم یُساھم في معالجة تلك الأزمة المزمنة.
فـ وزارة الإسكان في عھدھا الجدید القائم على التفكیر والتنظیر اقتصر دورھا في معظم تعاملاتھا، على تسلیم المواطنین لشركات التطویر العقاري والبنوك التجاریة، وھم الذین اشترطوا أن یكون العقد بینھم وبین المواطن مباشرة، وأن یُخصم كامل القسط من دخله الشھري فلا علاقة لھا بمبلغ الدعم الذي من المفترض أنَ تلتزم بھا وزارة الإسكان، ویبدو ذلك بسبب عدم الثقة بین الطرفین؛ فكان الحل السحري والمضمون عند الحلقة الأضعف “المواطن” حیث أسر رسميا وقانونيا بكامل العقد وما يترتب عليه من تبعات !
یُضاف لذلك نِســب الأرباح العالیة والتراكمیّة التي فرضتھا البنوك المَمِّولَه سواء تحملها المستهلك أو الدولة عنه، والتي قد تصل مع طول مدة القرض إلى 100 %خاصة، وبعض البنوك اتجهت خلال الفترة الماضیة إلى رفع النسبة المبدئیة في التمویل العقاري لتتجاوز 6% في ظـل شكوى العملاء من “نظام السایبر أو القسط المتغیر”؛ بینما یؤكد الخبراء الاقتصادیون بأن النسبة العادلة للأرباح من المفترض أن لاتتجاوز الــ2!!
وھنا یبدو لي أن أزمة السكن لایمكن معالجتھا بصورة حقیقیة بعیداً عن التصریحات الإعلامیة لــ”وزارة الإسكان” إلا من خلال تأسیس “بنك حكومي متخصص في الإسكان والتّعمیر”، -كما اقترح بعض المتابعین، وكما ھو موجود في “جمھوریة مصر مثلاً”- ویمكن تمویلھ من صندوق الاستثمارات العامة، على أن یساھم فیه المواطنون من خلال الاكتتاب، بحیث یتولى ذلك البنك الولید تأمین السكن بأسعار عادلة وقروض میسرة تناسب كافة أطیاف المجتمع، بینما لاترھق میزانیة الدولة في الحالات التي تشارك فیھا ذوي الدخل المحدود في مبلغ التمویل وأرباحه.