مع بروز نتائج الحملة التي قامت بها الدولة لمكافحة الفساد والاستيلاء على المال العام ازدادت الآمال بشمول تلك الحملة شركاتنا المساهمة التي يعاني ملاك بعضها من استمرار خسائرها بسبب سوء إداراتها وتجاوزات وممارسات لم يتم إيقافها على الرغم من تعدد شكاوى المساهمين بالجمعيات العمومية عن أسباب استمرار الخسائر وزيادة القروض وتعدد قرارات رفع رأس مال الشركة واحتراق أموالهم ودون أن تكون هناك أي مبادرة لإيقاف هذا النزيف لأموالهم.
ففي سوقنا العديد من الشركات التي أشغلت شاشة تداول بأخبار عقودها الضخمة لتنفيذ مشروعات بمئات الملايين واستغلت أخبارها الداخلية في تداول أسهمها بالسوق للإثراء على حساب المساهمين، فملاك الشركات التي تعلن عن تلك العقود اعتادوا على إعلان الخسائر كل ربع مالي وبشكل فاضح يثبت أن هناك ممارسات تتم داخل تلك الشركات ودون أي رقابة داخلية أو خارجية، وقد سبق أن طرحت عن أسباب تعدد خسارة تلك الشركات لعقودها وبمبالغ كبيرة على الرغم من أنها تعلن عن فوزها بها كخبر سار يطير بأسعار أسهمها! فالشركات لديها أجهزة فنية ومالية تدرس تلك العمليات وتتقدم بأسعارها متضمنة الأرباح المتوقعة، ولكن بعد تنفيذها نجد أن النتيجة النهائية خسائر فادحة!
ومع تكرار هذا الأمر في العديد من العقود وعلى مدار السنوات تُطرح التساؤلات عن فائدة الشركة من تلك العقود وأسباب حرص تلك النوعية من الشركات للتقدم بأسعار أقل للفوز بالمنافسة وهي تعلم بالخسارة المسبقة؟
فالعقد يجب أن يكون مع شركة مصنفة وكبيرة لتنفيذه ولكون تكلفة التنفيذ أعلى من العقد – وهو سبب الخسارة -فإن هناك جهات أخرى مستفيدة من العقود ودون الدخول بالمنافسة وتقديم الضمانات وتحمل المخاطر وربما أساساً غير مؤهلة، وهي موردو ومقاولو الباطن الذين بالتأكيد يربحون من تنفيذ المشروعات ويحصلون على حقوقهم كاملة من شركتنا المساهمة التي تعلن عن خسارتها كل سنة! كما أن هناك نوعاً آخر مشابهاً في تلك الممارسات يتعلق بجمع كبار مسؤولي بعض شركاتنا المساهمة بين مناصبهم بالشركة المساهمة وشركاتهم الخاصة في نفس النشاط، وشاهدنا على سبيل المثال أن سنوات الطفرة مرت دون استفادة مساهمي بعض شركاتنا العقارية من أراضيها الكبيرة واستثماراتها وتورطهم بانخفاض أسعارها وربما بدفع رسوم الأراضي وتقادم مبانيها!
والمؤسف أن الشركات الخاصة تصرف عقاراتها بالبيع أو بإدخالها للصناديق وتربح في وقت تم حجب تلك الفرص عن ملاك الشركات المساهمة! أي أننا بحاجة لجهة رقابية عليا تفحص تلك الممارسات وتفرض رقابة الدولة عليها باعتبار أن أموال المساهمين أموال وطنية تدعم الاقتصاد المحلي وعدم ترك الأمر لمجلس الإدارة ومراجع الحسابات الذي يهمه تجديد العقد من إدارة الشركة.