أظهرت أحدث المؤشرات العقارية الرسمية الصادرة عن وزارة العدل حول أداء السوق العقارية المحلية خلال عام 2018، تسجيلها انخفاضا سنويا في إجمالي قيمة صفقاتها العقارية للعام الرابع على التوالي بنسبة 36.9 في المائة، أي ما تصل قيمته إلى 82.8 مليار ريال، لتستقر مع نهاية العام عند مستوى 141.4 مليار ريال، مقارنة بمستواها في نهاية العام الماضي عند 224.2 مليار ريال، وجاء الانخفاض بنسبة أكبر على حساب قيمة صفقات القطاع التجاري، التي سجلت نسبة انخفاض سنوية وصلت إلى 46.6 في المائة “انخفاض 36.0 مليار ريال”، فيما انخفضت قيمة صفقات القطاع السكني بنسبة 31.9 في المائة “انخفاض 46.8 مليار ريال”.
وسجلت على مستوى أعداد الصفقات العقارية انخفاضا سنويا وصلت نسبته إلى 10.1 في المائة “انخفاض القطاع السكني بنسبة 8.5 في المائة، انخفاض القطاع التجاري بنسبة 20.7 في المائة”، لتستقر مع نهاية العام عند مستوى 210.1 ألف صفقة عقارية، مقارنة بنحو 233.8 ألف صفقة عقارية خلال العام الماضي، كما سجلت انخفاضًا سنويًا في أعداد العقارات المبيعة خلال العام وصلت نسبته إلى 11.7 في المائة “انخفاض القطاع السكني بنسبة 9.5 في المائة، انخفاض القطاع التجاري بنسبة 24.7 في المائة”، لتستقر مع نهاية العام عند مستوى 219.2 ألف عقار مبيع، مقارنة بنحو 248.1 ألف عقار مبيع خلال العام الماضي.
أما على مستوى مساحات الصفقات العقارية خلال العام المنصرم، فقد سجلت ارتفاعا سنويا وصلت نسبته إلى 24.9 في المائة “ارتفاع القطاع السكني بنسبة 15.7 في المائة، ارتفاع القطاع التجاري بنسبة 30.5 في المائة”، لتستقر مع نهاية العام عند مستوى 3.5 مليار متر مربع، مقارنة بنحو 2.8 مليار متر مربع خلال العام الماضي.
وبمقارنة أداء السوق العقارية المحلية خلال العام المنصرم مع أدائها خلال ذروة السوق في 2014، تكشف المقارنة عن انخفاض إجمالي قيمة الصفقات العقارية بنسبة 67.9 في المائة، أي بانخفاض وصلت خسائره إلى نحو 299.0 مليار ريال، كان قد وصل إجمالي قيمة الصفقات العقارية خلال ذلك العام إلى 440.3 مليار ريال، مقارنة بمستواها الذي استقرت عنده في نهاية العام 141.4 مليار ريال. كما وصلت نسبة الانخفاض خلال فترة المقارنة على مستوى أعداد الصفقات العقارية إلى 35.0 في المائة، ووصلت نسبة الانخفاض على مستوى العقارات المبيعة إلى 37.0 في المائة، وأخيرا وصلت نسبة الانخفاض على مستوى مساحات الصفقات العقارية إلى 9.8 في المائة.
وأظهر أداء سيولة السوق العقارية المحلية، وفقا لاتجاه متوسط الأداء الأسبوعي للسوق على مستوى سيولتها المدارة منذ مطلع العام الجاري “48 أسبوعا” انخفاضه إلى مستوى 2.9 مليار ريال، الذي جاء أدنى من المتوسط الأسبوعي للعام الماضي بنسبة 38.2 في المائة “بلغ المتوسط الأسبوعي لعام 2017 نحو 4.8 مليار ريال”، والأدنى بنسبة قياسية بالمقارنة مع المتوسط الأسبوعي لعام 2014 “ذروة السوق العقارية” بنسبة قياسية وصلت إلى 67.9 في المائة “بلغ المتوسط الأسبوعي لعام 2014 نحو 9.2 مليار ريال”، بمعنى فقدانها نحو سبعة أعشار سيولتها بالمقارنة مع المتوسط الأسبوعي للفترة التي وصلت إليها السوق العقارية إبان ذروتها، وتدني مستويات سيولة السوق المدارة أسبوعيا لأدنى من ثلث مستوياتها المعهودة سابقا، الذي أدى بدوره إلى مزيد من الضغوط السوقية على مستويات الأسعار السوقية المتضخمة لمختلف الأصول العقارية المنقولة.
في جانب آخر من مؤشرات أداء السوق العقارية المحلية، استمرت صناديق الاستثمار العقارية المتداولة “16 صندوقا استثماريا” في وتيرة الانخفاض، ليسجل أداؤها الأسبوعي في المتوسط مع نهاية العام انخفاضًا سنويًا وصلت نسبته إلى 17.9 في المائة، ووصل صافي خسائرها الرأسمالية خلال العام إلى أعلى من مستوى 2.4 مليار ريال، وأغلقت نشاطاتها خلال العام على حجم التسهيلات المصرفية الممنوحة لتلك الصناديق والصكوك المصدرة، وصل إلى 5.6 مليار ريال “40.7 في المائة من رؤوس أموالها، 49.6 في المائة من قيمتها السوقية”، واستقرار عدد الصناديق العقارية المقترضة أو المصدرة لصكوك عند تسعة صناديق من أصل 16 صندوقا استثماريا عقاريا متداولا.
انخفاض قيمة الصفقات والأسعار وأثره إيجابيا في النمو الاقتصادي
يعزى هذا الانخفاض القياسي في نشاط السوق العقارية المحلية، بالمقارنة مع أدائها طوال الأعوام الماضية منذ عام 2014، إلى عديد من العوامل الاقتصادية والمالية العكسية، إضافة إلى الآثار الإيجابية للإصلاحات الهيكلية التي نفذتها الدولة – أيدها الله – الهادفة إلى حل ومعالجة التشوهات الكامنة في السوق العقارية، التي يتقدم أولوياتها الحد من أشكال الاحتكار والمضاربة، والعمل المستمر على إيقاف سيطرتها السلبية على تعاملات السوق العقارية، بعد عقود زمنية ماضية طويلة، لعبت خلالها دورا كبيرا في الصعود القياسي بأسعار الأراضي والعقارات، ما أسهم بدرجة كبيرة جدا في تفاقم أزمة تملك المساكن، لتأتي الإصلاحات الهيكلية الأخيرة مستهدفة بالدرجة الأولى القضاء على تلك التشوهات، والعودة من ثم بمستويات الأسعار المتضخمة إلى مستوياتها العادلة، التي تتوافق مع مستويات دخل المواطنين، الذي يفسر بدوره الانخفاضات الكبيرة الراهنة في قيمة الصفقات العقارية طوال الأعوام الأربعة الماضية، نتيجة انحسار أشكال الاحتكار والمضاربة على الأراضي بالدرجة الأولى، وبدرجة ثانية بدأ الانخفاض المتدرج في أسعار مختلف الأصول العقارية، الذي أصبح ملموسا من جميع أطراف السوق وجميع أفراد المجتمع.
أكدت التجربة المحلية طوال الأعوام القليلة الماضية، أن انخفاض أسعار وإيجار الأراضي والعقار واستمراره مستقبلا، يمثل أحد أهم السبل إلى دعم الاستقرار الاقتصادي، وزيادة فرص نموه واستدامته، وأن انخفاض تكاليف التملك والإيجار على كاهل القطاع الإنتاجي من الاقتصاد، يسهم في تخفيف عبء التكاليف التشغيلية وزيادة هامش الربحية، ويمنحه فرصا أفضل للتوسع والتوظيف وتنويع قاعدة الإنتاج، الذي ستصب نتائجه الإيجابية في زيادة معدلات النمو الحقيقي للاقتصاد الوطني، كما أظهرته البيانات الرسمية المنشورة أخيرا.
كما سيؤدي انخفاض الأسعار والإيجارات إلى انخفاض تكلفة المعيشة على كاهل القطاع الاستهلاكي، الذي يشكل المجتمع الشريحة الأكبر منه، ويزيد من القوة الشرائية للأفراد، بما يعزز من الطلب الاستهلاكي المحلي، ويسهم في زيادة التدفقات على عموم منشآت القطاع الخاص، التي تضطلع بدورها في زيادة ضخ الاستثمارات المحلية، وزيادة تنوع قاعدة الإنتاج والتوظيف، ما يعزز في منظوره العام من الاستقرار الاقتصادي، ويسهم في ترسيخ دعائم النمو المستدام، ورفع مستوى الدخل، والدفع بتقدم عجلة التنمية المستدامة والشاملة، وفق عمل منظومة متكاملة ومتزنة للاقتصاد الوطني والمجتمع بشرائحه كافة، وبما يمنع من نشوء أي أزمات تنموية بالغة الضرر، كالتضخم والبطالة وانخفاض مستويات الدخل وارتفاع حجم المديونيات وتعثرها لاحقا، وغيرها من أشكال الأزمات الاقتصادية والمهددات لاستقرار أي بلد ومجتمع كان حول العالم.
ورغم ذلك الانخفاض في مستويات الأسعار السوقية إلا أنها لا تزال متضخمة جدا، وبعيدة عن قدرة أغلب المواطنين قياسا على مستوى دخلهم السنوي، وقياسا على قدرتهم الائتمانية، ما يشير بوضوح إلى قوة احتمال استمرار انخفاض أسعار الأراضي والعقارات، تدعم تسارعه في المستقبل القريب بمشيئة الله تعالى، عوامل عديدة ضاغطة على الأسعار المتضخمة “ارتفاع عروض بيع الأراضي والعقارات، ارتفاع أعداد الأراضي الخاضعة للتطوير والاستخدام، استمرار ارتفاع معدلات الفائدة، تطبيق مبادئ التمويل المسؤول، استمرار إخلاء الوافدين وأسرهم المساكن المستأجرة، استمرار انخفاض تكلفة الإيجارات، والتطبيق الفعلي لشهادة الاستدامة على المساكن.. إلخ”.
اتجاهات أسعار الأراضي والعقارات
أظهرت تغيرات الاتجاهات السعرية خلال العام المنصرم، التي تبينها تغيرات الفترة الماضية من العام الجاري لمتوسطات أسعار الأراضي والعقارات السكنية حتى نهاية 2018، انخفاضا سنويا لجميع متوسطات الأسعار خلال الفترة المنقضية من العام بالمقارنة مع العام الماضي، جاءت نتائجها على النحو الآتي:
انخفاض متوسط سعر الشقق السكنية بنسبة 10.8 في المائة “متوسط سعر سوقي للفترة 472 ألف ريال للشقة الواحدة”، ثم انخفاض متوسط الأسعار السوقية للفلل السكنية بنسبة 9.7 في المائة “متوسط سعر سوقي للفترة 752 ألف ريال للفيلا الواحدة”، ثم انخفاض متوسط السعر السوقي للمتر المربع للأرض السكني بنسبة 2.8 في المائة “متوسط سعر سوقي للفترة 344 ريالا للمتر المربع”.
بينما أظهرت الاتجاهات السعرية طويلة الأجل، انخفاضا في جميع متوسطات أسعار الأراضي والعقارات السكنية حتى نهاية 2018، بالمقارنة مع متوسط الأسعار السوقية للأراضي والعقارات لنفس الفترة من عام 2014 “الذروة العقارية”، جاءت نتائجها على النحو الآتي: انخفاض متوسط السعر السوقي للمتر المربع للأراضي السكنية خلال فترة المقارنة بنسبة 32.5 في المائة “متوسط سعر سوقي للمتر المربع: متوسط سعر 344 ريالا للفترة من 2018، متوسط سعر 509 ريالات لنفس الفترة من 2014″، ثم انخفاض متوسط الأسعار السوقية للفلل السكنية بنسبة 30.5 في المائة “متوسط سعر سوقي للفيلا الواحدة: متوسط سعر 752 ألف ريال للفترة من 2018، متوسط سعر 1.1 مليون ريال لنفس الفترة من 2014″، ثم انخفاض متوسط سعر الشقق السكنية بنسبة 19.4 في المائة “متوسط سعر سوقي للشقة الواحدة: متوسط سعر 472 ألف ريال للفترة من 2018، متوسط سعر 586 ألف ريال لنفس الفترة من 2014”.
اتجاهات أسعار الأراضي والعقارات على مستوى المدن الرئيسة
أظهرت تغيرات الاتجاهات السعرية حسب المدن الرئيسة “الرياض، مكة المكرمة، المدينة المنورة، جدة، والدمام”، بمقارنة مستوياتها بنهاية 2018 مع عام الذروة العقارية خلال 2014، تسجيلها جميعها نسب انخفاض على مستوى العقارات السكنية “قطعة أرض، فيلا، وشقة”، وجاءت مكة المكرمة في المرتبة الأولى من حيث نسب الانخفاض الأكبر لقطع الأراضي والفلل والشقق، حيث سجلت نسبة انخفاض خلال الفترة لمتوسط قيمة المتر المربع للأرض السكنية وصلت إلى 35.9 في المائة، ونسبة انخفاض لمتوسط قيمة الفيلا السكنية وصلت إلى 34.5 في المائة، ونسبة انخفاض لمتوسط قيمة الشقة السكنية وصلت إلى 27.4 في المائة. وحلت المدينة المنورة في المرتبة الثانية، مسجلة نسبة انخفاض خلال الفترة لمتوسط قيمة المتر المربع للأرض السكنية وصلت إلى 30.0 في المائة، ونسبة انخفاض لمتوسط قيمة الفيلا السكنية وصلت إلى 32.6 في المائة، ونسبة انخفاض لمتوسط قيمة الشقة السكنية وصلت إلى 26.8 في المائة. وجاء ترتيب بقية المدن الرئيسة حسب الانخفاض في متوسط قيمة المتر المربع للأرض السكنية، على النحو التالي: حلت مدينة جدة في المرتبة الثالثة بعد كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة، بنسبة انخفاض خلال الفترة 2014 – 2018 وصلت إلى 29.3 في المائة، تلتها مدينة الرياض بنسبة انخفاض وصلت إلى 25.2 في المائة، وأخيرا مدينة الدمام بنسبة انخفاض وصلت إلى 18.3 في المائة.
فيما جاء ترتيب بقية المدن الرئيسة حسب الانخفاض في متوسط قيمة الفيلا السكنية، على النحو التالي: حلت مدينة الرياض في المرتبة الثالثة بعد كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة، بنسبة انخفاض خلال الفترة وصلت إلى 28.1 في المائة، تلاها مدينة جدة بنسبة انخفاض وصلت إلى 28.0 في المائة، وأخيرا مدينة الدمام بنسبة انخفاض وصلت إلى 24.2 في المائة. وأخيرا جاء ترتيب بقية المدن الرئيسة حسب الانخفاض في متوسط قيمة الشقة السكنية، على النحو التالي: حلت مدينة الدمام في المرتبة الثالثة بعد كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة، بنسبة انخفاض خلال الفترة وصلت إلى 24.6 في المائة، تلاها مدينة جدة بنسبة انخفاض وصلت إلى 23.5 في المائة، وأخيرا مدينة الرياض بنسبة انخفاض وصلت إلى 11.9 في المائة.