انخفض إجمالي قيمة الصفقات العقارية المحلية خلال الأسبوع الماضي بنسبة 54.2 في المائة، ليستقر الإجمالي عند أدنى من 3.4 مليار ريال، متأثرا بالانخفاض الكبير الذي طرأ على صفقات الأراضي “سكني، تجاري”، ووصلت نسبة انخفاضه خلال الأسبوع إلى 54.4 في المائة. وجاءت نسبة الانخفاض الأكبر في جانب صفقات الأراضي التجارية بنحو 64.1 في المائة، وبنسبة انخفاض في صفقات الأراضي السكنية بلغت 41.8 في المائة، فيما استمدت صفقات الأراضي قوتها من ارتفاع نسبتها إلى إجمالي صفقات السوق العقارية، التي وصلت خلال الأسبوع إلى 87.3 في المائة من الإجمالي.
وتأتي أهمية مؤشر انخفاض صفقات ومبيعات الأراضي، من كون الصفقات العقارية على الأراضي تشكل الوزن الأكبر نسبيا، إذ وصلت نسبة سيطرتها خلال آخر الـ 12 شهرا الماضية إلى 92.9 في المائة من إجمالي قيمة صفقات السوق، وعلى الرغم من الانخفاضات الكبيرة التي شهدتها قيم صفقات السوق العقارية طوال أكثر من عامين مضيا، بيد أن الصفقات على الأراضي تظهر بعضا من التماسك في أسابيع، وفي أسابيع أخرى تظهر ارتفاعا ملموسا، بمعنى أن الأسباب الأكبر وراء انخفاض قيمة الصفقات العقارية طوال الفترة الماضية، كانت متأتية من الانخفاضات الكبيرة التي طرأت على قيم صفقات أنواع العقارات الأخرى “فلل، عمائر، شقق، وبيوت”.
ويؤخذ هذا التحول اللافت في قيم صفقات الأراضي، والانخفاض الكبير الطارئ عليها خلال الأسابيع الأخيرة، سواء على مستوى قيم الصفقات أو على مستوى أعداد الأراضي المبيعة، إذ إن دخول السوق العقارية المحلية في مزيد من الركود غير المسبوق، بدأت آثاره في الانعكاس بدرجة أقوى على الأسعار السوقية المتضخمة للأصول العقارية المختلفة. تتأكد حقيقة هذا الانخفاض في قيم وأعداد الصفقات على الأراضي “سكني، تجاري”، بمقارنة مستوياتها خلال الأسابيع الأخيرة بما كانت عليه قبل عامين وأكثر، حيث تظهر بيانات الصفقات العقارية أنها في الوقت الراهن لا تتجاوز ثلث قيم صفقاتها وأعداد مبيعاتها، التي كانت تسجلها قبل نحو عامين!
يمكن تفسير كل هذه التحولات في أداء السوق العقارية المحلية، وفيما يتعلق بصفقات الأراضي على وجه الخصوص، على أنه ليس إلا زيادة في ضعف قوى الاحتكار والمضاربة على الأراضي أمام المتغيرات الاقتصادية والمالية الراهنة، إذ لم يعد احتكار الأراضي ذا جدوى بالنسبة إلى كبار الملاك، نتيجة التطورات الاقتصادية والمالية المعاكسة، ونتيجة لاقتراب تحصيل الرسوم على الأراضي البيضاء مع مطلع العام المالي المقبل، هذا بدوره انعكس أيضا على المتعاملين العقاريين في السوق بدافع المضاربة، التي كانت تنشط تعاملاتها وصفقاتها على الأراضي طوال الأعوام الماضية، تقف خلفها سيطرة التوقعات على المتعاملين بمزيد من ارتفاع الأسعار! وهو أمرا لا نكاد نراه في الوقت الراهن. وتحولت ركائز قرارات تلك الشريحة إلى العكس تماما، وأصبح الشعور العام المسيطر على أغلب المضاربين على الأراضي، أن الأسعار بدأت في الانخفاض الحقيقي، وتتجه أيضا إلى مزيد من الانخفاض! وهو ما يعني ارتفاع وتيرة إحجامهم عن الشراء بدافع المضاربة والرهان الخاسر على ارتفاع الأسعار، ودخولهم في سباق نحو التخارج وبيع ما لديهم من أراض بأسعار السوق اليوم وإن كانت خاسرة، إلا أنها أسعار أفضل من الأسعار الأدنى المتوقع انخفاضها إليها في منظور الأشهر المقبلة.
يمكن القول هنا؛ إن السوق العقارية المحلية استبقت مبكرا إسقاط الآثار المتوقعة للتغيرات الأخيرة على أدائها، وبدأت تتعامل معها منذ لحظة إعلانها، وهي مرحلة سيتخللها كثير من التحديات على كاهل السوق العقارية، بدءا من تقلص القوة الشرائية لدخل الأفراد، وخوض المصارف ومؤسسات التمويل والبيع بالتقسيط معالجات طويلة تتعلق بتحصيل أقساط ديونها لدى الأفراد، إضافة إلى انعكاس الأوضاع الاقتصادية والمالية على منشآت القطاع الخاص، وما سينتج عنها من ضعف وشيك لنمو مبيعاتها، وتأثيره المباشر في خفض هوامش أرباحها، ما سيضطرها إلى الحد من تكاليفها الثابتة والمتغيرة على حد سواء “إيجارات، رواتب، ومصروفات متغيرة”.
الأداء الأسبوعي لمؤشرات أسعار العقارات السكنية
شهد المؤشر العقاري السكني العام الذي يقيس التغيرات في الأسعار السوقية لمختلف أنواع العقارات السكنية ارتفاعا في متوسط قيمته بنسبة 6.2 في المائة، مقارنة بانخفاضه للأسبوع الأسبق بنسبة 5.6 في المائة، ليستقر عند 663.5 نقطة. كما سجل المؤشر العام لإجمالي الوحدات السكنية خلال نفس الأسبوع “يقيس التغيرات في الأسعار السوقية للبيوت والشقق والعمائر والفلل السكنية حسب أوزانها النسبية”، انخفاضا بنسبة 0.3 في المائة، مقارنة بارتفاعه للأسبوع الأسبق بنسبة 0.2 في المائة، ليستقر مع نهاية الأسبوع الماضي عند 714.1 نقطة، في حين ارتفع مؤشر أسعار الأراضي السكنية بنسبة بلغت 0.8 في المائة، مقارنة بانخفاضه القياسي خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 4.9 في المائة، ليستقر مع نهاية الأسبوع الماضي عند 651.8 نقطة. بالنسبة إلى بقية تفاصيل أداء بقية مؤشرات الأسعار.
الأداء الأسبوعي للسوق العقارية
سجل إجمالي قيمة الصفقات الأسبوعية للسوق العقارية المحلية انخفاضا قياسيا بنسبة 54.2 في المائة، مقارنة بارتفاعه القياسي للأسبوع الأسبق بنسبة 20.1 في المائة، لتستقر بدورها قيمة صفقات السوق بنهاية الأسبوع الـ 41 من العام الجاري عند مستوى 3.4 مليار ريال “أدنى من المتوسط العام لقيمة الصفقات للعام الجاري بنسبة 36.5 في المائة”.
وسيطر الانخفاض في قيمة الصفقات العقارية على كل من قطاعي السوق السكني والتجاري، إلا أن الانخفاض جاءت نسبته أكبر للقطاع التجاري، حيث سجلت قيمة صفقات القطاع السكني انخفاضا أسبوعيا بلغت نسبته 47.0 في المائة، مقارنة بانخفاضها للأسبوع الأسبق بنسبة 13.5 في المائة، لتستقر قيمة صفقات القطاع بنهاية الأسبوع عند مستوى 1.9 مليار ريال “أدنى من المتوسط العام لقيمة صفقات القطاع السكني للعام الجاري بنسبة 37.8 في المائة”. كما انخفضت قيمة صفقات القطاع التجاري بنسبة قياسية بلغت 61.3 في المائة، مقارنة بارتفاعها القياسي خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 93.6 في المائة، لتستقر قيمتها بنهاية الأسبوع عند مستوى 1.4 مليار ريال “أدنى من المتوسط العام لقيمة صفقات القطاع التجاري للعام الجاري بنسبة 34.6 في المائة”.
أما على مستوى عدد العقارات السكنية المبيعة خلال الأسبوع، فسجلت انخفاضا للأسبوع الثاني على التوالي بنسبة قياسية بلغت 25.4 في المائة، مقارنة بانخفاضها خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 2.7 في المائة، لتستقر مع نهاية الأسبوع عند مستوى 2986 عقارا مبيعا فقط، متأثرة في تراجعها بالدرجة الأولى بالانخفاض الذي طرأ على مبيعات قطع الأراضي السكنية، التي سجلت انخفاضا للأسبوع الثاني على التوالي خلال الأسبوع وصلت نسبته إلى 25.0 في المائة، مقارنة بنسبة انخفاضها للأسبوع الأسبق 7.3 في المائة، كما شهدت جميع مبيعات العقارات الأخرى بمختلف أنواعها انخفاضات أسبوعية.
وتعكس وتيرة أداء السوق العقارية الغالب عليها تراجع قيمة الصفقات مقابل ارتفاع محدود في أعداد العقارات المبيعة أو في مساحاتها بنسب ارتفاع أكبر، أن السوق تشهد تراجعا ملموسا في مستويات الأسعار السوقية للأصول العقارية المتداولة، مقابل تنفيذ مستويات أعلى من الصفقات العقارية بقيم صفقات أدنى من السابق، وفي حال شهدت السوق تراجعا في أعداد العقارات المبيعة؛ فهذا يعني أن وتيرة التراجع في الأسعار في طريقها إلى الاتساع أكثر من السابق، وهو الأمر الإيجابي الذي تنتظره السوق العقارية، الذي سينعكس دون شك على انخفاضات أكبر في مستويات الأسعار المتضخمة الراهنة، وفي حال شهدت السوق العقارية تراجعا في كل من قيم الصفقات وأعداد العقارات المبيعة؛ فإن ذلك يعني زيادة أكبر في ضغوط العوامل الأساسية المؤدية لركود أداء السوق، وهو أمر يمكن تفسيره من خلال زيادة اقتناع أفراد المجتمع بتحقق مزيد من تراجع الأسعار المتضخمة للأصول العقارية، وأن كل تأجيل من قبلهم للشراء يحمل معه مكاسب أكبر بالنسبة إليهم، في الوقت ذاته الذي ينعكس بمزيد من الضغوط على أطراف البيع، يجعلها تقبل بالبيع بأسعار أدنى في الوقت الراهن، وأنها مستويات سعرية أفضل مقارنة بالمستويات المستقبلية، التي لا شك أنها ستكون أدنى مما هي عليه في المرحلة الراهنة.