انخفض كما كان متوقعا نشاط السوق العقارية المحلية بصورة حادة خلال الأسبوع الماضي، وأظهرت السوق تأثرها الشديد ببدء تطبيق النسبة الجديدة لضريبة القيمة المضافة الأساسية مطلع الشهر الجاري، ليسجل النشاط الأسبوعي للسوق العقارية انخفاضا قياسيا وصلت نسبته إلى 84.6 في المائة، ليستقر إجمالي قيمة صفقات السوق الأسبوعية عند أدنى من مستوى 1.7 مليار ريال، مقارنة بمستواه خلال الأسبوع الأسبق عند أدنى من 10.9 مليار ريال، وهو ما سبقت الإشارة إليه في التقارير الأسبوعية الماضية، بتسارع المتعاملين والمستهلكين نحو إنهاء تنفيذ صفقاتهم العقارية قبل بداية العمل بالضريبة الجديدة، وأن نشاط السوق العقارية سيشهد تراجعا لافتا بعد التطبيق، وهو ما حدث خلال الأسابيع القليلة الماضية، ويتوقع استمرار هذا المستوى من النشاط المتباطئ عدة أسابيع مقبلة، وقد يستغرق عدة أشهر أيضا، وأن مما قد يسهم في تحفيز أداء السوق العقارية مستقبلا، أن تتراجع الأسعار السوقية لمختلف الأصول العقارية بنسب معينة تراوح بين 10 في المائة و 15 في المائة في الأجل القصير، يمكن معها اجتذاب مزيد من المتعاملين والمستهلكين، عبر تقديم خصومات سعرية تمتص أثر الزيادة في ضريبة القيمة المضافة، وتأكيد أنها ستكون في الأجل المتوسط (بافتراض ثبات المتغيرات الراهنة) بحاجة أكبر إلى مزيد من الخصومات السعرية، التي تحفز بصورة أفضل طلبات الشراء من قبل كل من المتعاملين والمستهلكين على حد سواء.
وبالنظر إلى الأداء الأسبوعي على مستوى القطاعين الرئيسين للسوق المتمثلين في القطاع السكني والقطاع التجاري، فقد شمل الانخفاض الحاد كلا من القطاعين، حيث انخفضت قيمة صفقات السكني بنسبة 82 في المائة، استقرت مع نهاية الأسبوع الماضي عند 1.2 مليار ريال، مقارنة بمستواها الأسبق البالغ نحو 6.9 مليار ريال. كما انخفضت قيمة صفقات القطاع التجاري بنسبة أعلى من السكني وصلت إلى 89.1 في المائة، لتستقر مع نهاية الأسبوع الماضي عند أدنى من مستوى 434 مليون ريال فقط، مقارنة بمستواها الأسبق الذي ناهز أربعة مليارات ريال.
وفي جانب المؤشرات الأخرى للأداء الأسبوعي للسوق العقارية المحلية، انخفض عدد الصفقات العقارية خلال الأسبوع الماضي بنسبة قياسية بلغت 67.4 في المائة، ليستقر العدد بنهاية الأسبوع عند مستوى أربعة آلاف صفقة عقارية، مقارنة بمستواه الأسبوعي الأسبق البالغ 12.3 ألف صفقة عقارية. كما انخفض عدد العقارات المبيعة خلال الأسبوع الماضي بنسبة قياسية بلغت 69.0 في المائة، ليستقر العدد مع نهاية الأسبوع عند مستوى نحو 4.1 ألف عقار مبيع، مقارنة بمستواه الأسبوعي الأسبق البالغ 13.2 ألف عقار مبيع، وانخفض أيضا إجمالي مساحة الصفقات العقارية المنفذة خلال الأسبوع الماضي بنسبة قياسية بلغت 67.2 في المائة، ليستقر الإجمالي عند مستوى 20.7 مليون متر مربع، مقارنة بمستواه الأسبوعي الأسبق البالغ 63.0 مليون متر مربع.
التغيرات في متوسط الأسعار السوقية للعقارات السكنية
تصاعدت ضغوط السوق على مستويات الأسعار الجارية لمختلف أنواع العقارات السكنية (أراض، فلل، شقق)، وهي الضغوط التي بدأت في الانتشار والتوسع على عموم السوق العقارية المحلية منذ النصف الثاني لآذار (مارس) الماضي، واستمدت تلك الضغوط قوتها أخيرا مع بدء تطبيق الضريبة الجديدة، وذلك ما أكدته مقارنة مستوياتها الراهنة بالفترة نفسها من العام الماضي، تفاوتت بين تباطؤ النمو في الأسعار أو انخفاضها بوتيرة أكبر وفقا لأحدث البيانات الصادرة عن وزارة العدل، حيث سجل متوسط سعر المتر المربع للأراضي السكنية انخفاضا سنويا بلغت نسبته 12.6 في المائة، وسجل أيضا متوسط سعر الشقة السكنية انخفاضا سنويا بلغت نسبته 11.8 في المائة، بينما تباطأ النمو السنوي لمتوسط سعر الفيلا السكنية إلى 4.8 في المائة.
وفي الفترة التي دخلت فيها تعاملات السوق العقارية المحلية مرحلة جديدة، تختلف بصورة كبيرة جدا عما كانت عليه خلال الفترة السابقة، بعد بدء تطبيق النسبة الجديدة لضريبة القيمة المضافة الأساسية عند 15 في المائة، يتوقع في ضوء ارتفاع أحد أبرز العوامل المؤثرة عكسيا في الأسعار السوقية لمختلف الأصول العقارية بكافة تصنيفاتها (ضريبة القيمة المضافة)، أن يستمر تأثر نشاط السوق العقارية فيها، وأن تظهر انكماشا ملموسا في أدائها خلال الفترة الزمنية القصيرة المقبلة، وامتداد تأثيره بموازاة عوامل اقتصادية ومالية واستهلاكية أخرى واسعة العدد، إلى انخفاض مرتقب ومتوقع في مستويات الأسعار السوقية لعموم الأصول العقارية، فخلال الفترة المماثلة التي تلت تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5.0 في المائة في مطلع 2018، سجل متوسط الأسعار السوقية للأراضي والفلل والشقق السكنية خلال الأشهر الثلاثة التالية لتطبيق الضريبة، انخفاضا سنويا في المتوسط وصل إلى نحو 14 في المائة!
وبالنظر إلى الفترة الراهنة، التي تزدحم بعوامل مؤثرة أقوى نتجت عن انتشار الجائحة العالمية لفيروس كورونا كوفيد – 19، يتوقع أن تأتي الضغوط أشد وطأة على أداء السوق العقارية من حيث كل من النشاط ومستويات الأسعار، والتذكير هنا في سياق الحديث عن تأثير ضريبة القيمة المضافة الجديدة (15 في المائة)، بأن المنطقة السعرية المعفاة منها أمام المواطن المشتري لمسكنه الأول تنحصر عند ما قيمته 850 ألف ريال فأدنى، لتبقى هذه المنطقة السعرية والأقرب إليها من مستويات أعلى منها بقليل، البوابة الأكثر ترشيحا أمام الأفراد الباحثين عن تملك مساكنهم لأول مرة، وهو ما سيضاعف من الضغوط بدرجة أكبر على الأسعار السوقية الأعلى من ذلك الحد السعري.