أَدركت الحكومة السعودية أن المدن الاقتصادية التي أُعلن عن تأسيسها خلال العقد الماضي بمختلف مناطق المملكة العربية السعودية، والتي من بينها مدينة الملك عبدالله الاقتصادية بمحافظة رابغ، ومدينة الأمير عبدالعزيز بن مساعد بمنطقة حائل، ومدينة المعرفة الاقتصادية بالمدينة المنورة، لم تحقق الأهداف المنشودة منها وفقاً لما هو مخطط ومرسوم لها، إذ إن بعضها قد توقف عن العمل في حين أن البعض الآخر واجه تحديات حقيقة هددت باستمرارية العمل في المدن.
تنبها من الحكومة السعودية بأهمية تفعيل دور المدن الاقتصادية وتصحيح مسارها الاقتصادي الذي أسست من أجله، أنشئت الدولة هيئة متخصصة للعناية والاهتمام بالمدن الاقتصادية حددت أهدافها؛ بالإشراف على المدن الاقتصادية وعلى أداء المطورين لضمان تحقيق المدن لأهدافها، تطوير وتطبيق أنظمة منافسة ولوائح ومعايير جودة عالمية مناسبة للبيئة المحلية، رفع مستوى تنافسية الخدمات الحكومية وتقديمها بالكفاءة المطلوبة، تطوير وتفعيل نماذج مبتكرة للشراكات الاستراتيجية، ودعم الاستثمار في المدن الاقتصادية.
بوجود مرجعية تنظيمية للمدن الاقتصادية، بدأت المدن تشهد حراكاً اقتصادياً وحضارياً واجتماعياً نوعياً، والتي من بينها مدينة الملك عبدالله الاقتصادية التى تشرفت بزيارتها الأسبوع الماضي وشاهدت تعديلات لمسارها الاقتصادي وفق رؤية واضحة ومسارات محددة، حيث تتولى شركة “إعمار المدينة الاقتصادية” (EEC) مهمة تطوير مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، والتي تركّز بالدرجة الأولى على تخطيط وتطوير المدينة.
وكنتيجة لتحديد مسارات مدينة الملك عبدالله الاقتصادية بدقة ووضوح وربطها في نفس الوقت بمرجعية تنظيمية وتشريعية، يتوقع للمدينة أن تشهد مستقبلاً اقتصادياً فريداً على مستوى المنطقة العربية بل وحتى على مستوى العالم، لا سيما أنها تربط بين الشرق والغرب من خلال ميناء الملك عبدالله الذي دشنه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز (يحفظه الله)، يوم الاثنين الماضي والذي يتميز بتقديم بخدمات متخصصة في مجالات الموانئ والملاحة والنقل البحري ومناولة الحاويات، بما في ذلك إعادة التصدير للعالم من المملكة، بقدرة استيعابية ستصل مستقبلاً إلى خدمة 10 ملايين حاوية.
ولعل ما يميز الميناء كذلك قدرته على استقبال أضخم السفن العملاقة على مستوى العالم بأحواض سفن عميقة جداً يصل عمقها إلى 18 متراً. كما ويدعم الميناء شبكة جديدة من من الطرقات والسكك الحديدية التي تُمكن من الوصول إلى المدينة خلال ساعة واحدة من جدّة ومكّة المكرمة.
دون أدنى شك أن مدينة الملك عبدالله الاقتصادية تشهد حراكاً اقتصادياً وصناعياً بما ذلك تعليمياً وترفهياً غير مسبوق، يتوقع له أن يحقق للمملكة إيرادات غير نفطية جديدة تسهم في تعزيز الإيرادات غير النفطية لاقتصاد المملكة وتحقق في نفس الوقت مستهدفات رؤية المملكة 2030.