تخبرني مواطنة ذات دخل محدود أنّھا حصلت على تمویل عقاري من أحد البنوك لشراء شقّة سكنیة قیمتھا لمّدة ٢٠ ّ سنة، ویقضي عقد التمویل أن تسدد ھي للبنك مبلغ ٥ آلاف ریال شھریاً، مما یعني أن البنك أقرضھا نصف ملیون ریال، وھي بدورھا ستردھا لع بالتقسیط لكن ملیوناً و٢٠٠ ألف ریال نصف ملیون ریال، وھكذا ستبلغ أرباح البنك منھا وحدھا ٧٠٠ ألف ریال!.
ھو صحیح أن التقسیط سیستغرق مّدة طویلة، لكن له أثر سلبي للغایة على الم ِ واطنة ومن في مثل حالھا من المواطنین ذوي الدخل المحدود الذین یحصلون على تمویل عقاري، وعددھم بمئات الآلاف، فمن ذا الذي یستطیع امتلاك عقار سكني دون الاقتراض؟!
والأثر على سبیل المثال لا الحصر یكمن في أن راتب المواطن المقترض لا یكفیه الحاجة بعد الاقتراض، لأن نسبة كبیرة منه ستُخصم من قبل البنك، وتُجھز فواتیر الخدمات من الراتب، وإن كان المواطن لم یعد فقیراً بسبب توفّر مسكن وتكالیف المعیشة المرتفعة على ما یتبقّ
مملوك له؛ لكنّه یُصبح فقیراً في مواجھة الحیاة، ونخيلوا أن ذلك يستمر لخمس قرن، أو أكثر لأن ھناك حالات الأمر الذي یجعل من المواطن وراتبه ومظاھر حیاته شبه أسرى في سجن البنك الفاخر ذي الـ٥ نجوم!
ّأنا بالطبع، وفي ظل استمراریة أزمة الإسكان لا أطالب بإلغاء التمویل العقاري من البنوك، إذ ھو رافد مھم لحل الأزمة، لكنّي أؤمن بضرورة تدخل الجھات المعنیة بالإسكان بینھا وبین المواطنین، لتخفیف نسبّ أرباحھا إلى نسب معقولة كي یتمكن المواطن من تسدید قرضه وخلال مّدة أقل، یعني ١٠ أعوام مثلاً ّ كحد أقصى، والبنوك تربح حالیاً وفي المجموع نسباً أكثر من ١٥٠ ٪على حساب المواطن المحتاج، ولیست لھا مشاركات وطنیة ملموسة لخدمة التنمیة، ومشاركتھا المطلوبة تكون بتخفیض أرباحھا بما لا یضر بھا ولا یُخرجھا من المنافسة مع البنوك الأخرى، وربحھا مضمون لكن لیته یكون معقولاً، وصیغ التمویل الحالي لیست تمویلاً بل تھویلاً على المواطن، وإفلاسه لعقدین من الزمان وأكثر.
والمواطن یحلم بمسكن العمر، وفي سبیله یقترض ولو بتعسیر یعرف أنّ سیواجھه مع التسدید، فھل من میسر له؟ ھل من ميسر له؟ یسر الله أمر الجمیع ورزقھم المساكن المملوكة التي یرفلون فیھا بصحة وعافیة وأمن وسعادة وإیمان.