أن يرصد معدل النمو السنوي للسكان في المملكة من المواطنين نهاية العام الماضي بمقدار (2.5 %) فهذا يعني أن هناك ما يصل إلى واحد وتسعين ألف أسرة سعودية جديدة نشأت خلال ذلك العام ومن ثم شرعت تبحث عن مسكن يأوي أفرادها في سوق الإسكان، الذي تشير أحدث الإحصاءات الرسمية أنه طرح فيه خلال العــام المنصرم ما يصل إلى ثلاثمائــة وثلاثين ألف وحدة سكنية جديدة، اقتطعت تلك الأسر الناشئة حصتها من هذا العدد، بمقدار لا يزيد بالتأكيد عن الثلث، في مقابل أن الثلثين الباقيين، وربما أكثر هيمنت عليه الأسر السعودية التي تستبدل مساكنها الحالية المملوكة أو المستأجرة بمساكن جديدة، حتى وإن شاركتها في ذلك بعض الأسر الوافدة إلا أن نسبتها تظل محدودة لأنها في الغالب ومن مبرر اقتصادي تتوجه نحو الوحدات السكنية المستعملة التي سبق إشغالها من قبل.
هذا المعدل لاستبدال المساكن التي نشغلها بمساكن جديدة وانتقال أكثر من (6.5 %) من الأسر السعودية كل عام إليها لا يعد في الواقع مؤشراً صحياً على إطلاقه، فإن كان ذلك لغرض التملك فهو لن يتجاوز العشرة في المائة من تلك المساكن الجديدة، وإن كان لمبرر الانتقال من مساكن متهالكة إلى أخرى أفضل فهو لن يتعدى أيضاً ذات النسبة، في حين أن هذا العدد الكبير نسبياً من الأسر التي تنتقل سنوياً من مساكنها الحالية لأخرى جديدة تحت مبررات مختلفة ومتباينة معظمها اجتماعي هو مما يسهم في رفع معدل الطلب على المساكن وبالتالي على زيادة أسعارها في السوق – تملكاً أو استئجاراً – غير عابئة تلك الأسعار بمعدل النمو الجيد للمساكن الذي يعادل في الواقع ثلاثة أضعاف معدل النمو السكاني، كما أن هذه الظاهرة تجعل مدننا الحالية يعاد بناء أحيائها السكنية كل خمسة عشر عاماً تقريباً، خلاف أن تلك الأحياء السكنية تبلغ مرحلة الشيخوخة في وقت قصير نسبياً نتيجة هجرة سكانها لمساكنهم القديمة التي ليست بالضرورة رديئة الحال والانتقال إلى مساكن جديدة، وما ينجم عن ذلك من إهمال العناية والاهتمام والصيانة الدورية بالمساكن التي جرى هجرها، ناهيك عن فقدان الأحياء السكنية للاستقرار الاجتماعي نتيجة الانتقال المستمر لسكانها إلى أحياء ومساكن جديدة، وغير ذلك من التداعيات التي لا يتسع المقام لسردها. فهل يتم الاهتمام والعناية بهذه الظاهرة ومعالجة الظروف التي تهيئ المناخ لنشأتها وازدياد نموها الذي نراه اليوم.