في البيان الصحفي الذي صدر مؤخراً عن صندوق التنمية العقارية، وأعلن فيه عن إيداع مبلغ مليار ونصف المليار ريال في حسابات المواطنين، الذين استفادوا من برنامج القرض العقاري، الذي يقدم من شركات ومؤسسات التمويل، ويتحمل الصندوق تكاليفه، وخصص جزء منه للفوائد المترتبة على تلك القروض العقارية، أشير إلى أن إجمالي عدد المواطنين الذي استفادوا من تلك القروض العقارية السكنية، حتى نهاية شهر يناير الماضي، بلغ أكثر من ستة وستون ألف مواطن، في تباين يكاد أن يكون واضحاً مع ما تصدره وزارة الاسكان بشكل مستمر عن النتائج التي حققها برنامج “سكني” على مدى العامين الماضيين، منذ اطلاقه في بداية 2017، وما يصحبه دوماً من تأكيد بأن هذا البرنامج قد وصل إلى أهدافه، بل قد تجاوزها وأنه قام خلال العامين الماضيين بتوفير (185) ألف قرض تمويلي مدفوع التكاليف للمواطنين، بالشراكة بين صندوق التنمية العقارية والبنوك ومؤسسات التمويل، في حين لا يعبر البيان الصحفي للصندوق في الواقع سوى عن تحقيق (36%) فقط مما هو كان يستهدفه البرنامج في إطار هذا البديل، وذلك من بين الخيارات الثلاثة التي ينطوي عليها، يؤكد أكثر من ذلك ما صرح به أحد أعضاء مجلس الشورى، ونشرته صحيفة الرياض الأسبوع الماضي، قائلاً إن (88%) من المواطنين الذين تمت الموافقة على طلباتهم لم يستفيدوا منها، بسبب شروط البنوك، والأعمار، وأسباب أخرى تقلل فرص حصول المواطن على القرض، وذلك من خلال اطلاعه ومناقشته للتقرير السنوي لصندوق التنمية العقاري، الأمر الذي يبعث التساؤل عن آليه الصندوق الجديدة في الاقراض، وهل أظهرت جدواها وأثبتت جدارتها على مدى العامين الماضيين من تطبيقها أم لا..؟
البحث عن إجابة لهذا التساؤل في اعتقادي قد نجدها في حقيقتين إثنتين أساسيتين، الأولى هي المعدل السنوي لعدد المستفيدين سنوياً من قروض صندوق التنمية العقارية قبل وبعد تطبيق الآلية الجديدة للصندوق الذي يبدو أن هذا المعدل بقي على حاله تقريباً، فالصندوق على مدى سنوات عمره التي سبقت تغيير آلية عمله والتي تربو على الخمس وثلاثون عاماً، قام بإقراض ما يزيد على مليون أسرة سعودية، أي بما معدله ثلاثون ألف قرض سكني في العام الواحد، وهو ما يكاد يماثل إلى حد كبير معدل الإقراض بالآلية الجديدة خلال العامين الماضيين، بالتالي واضح أن ما من تغير جوهري في معدل الإقراض السنوي للمواطنين من قبل الصندوق، بل يخشى إن إستمر على ذات المعدل، فلن يتمكن من إنهاء القائمة الحالية من الراغبين في الحصول على الدعم السكني الموجوده لدى كل من الصندوق ووزارة الاسكان التي تصل إلى مليون ونصف المليون مواطن القابلة للزيادة على مدى السنوات القادمة إلا بعد خمسين عاماً !!
أما الحقيقة الثانية، فهي تكاليف التمويل، أو الفوائد البنكية المترتبة على القروض العقارية لإجمالي هؤلاء المواطنين الراغبين فـي الدعم السكني، على مدى سنوات السداد لقروضهم، التي قـد تمتد إلى خمس وعشرون عاماً لكل قرض التي كما نعلم أن مبررها هـو رفع معدل الإقراض السـنوي للمستفيدين، وهو ما لم يتحقق للصندوق في سعيه نحو هذا الهدف حتى الآن، فامست هذه الفوائد البنكية عبئاً إضافياً جديداً، حيث تربو تقديراتها الحالية على ضعفي رأسمال الصندوق، البالغ مائتا مليار ريال.