عند حلول أزمة كورونا الحالية نهاية عام 2019 وبداية انتشارها في يناير وفبراير ومارس 2020 اتخذت كل دول العالم احتياطاتها، نجح من نجح وفشل من فشل، أزهقت الأرواح وتوقفت الحياة في معظم دول العالم نتيجة الفيروس الجديد على العالم، منذ نهاية مايو وبعد مرور شهرين على تفشي الفيروس، اتخذت معظم دول العالم خطوة فتح الأسواق تدريجياً ثم كلياً، في الكويت كان من المقرر في 21 يونيو الجاري بداية دوام %30 من موظفي الحكومة وفتح الأسواق تدريجياً، لكن تأجلت إلى أجلًّ غير مسمى وهذا بالطبع سيزيد مسلسل خسائر القطاع الخاص من المحال والمصانع والبناء.. إلخ!!
من ناحية أخرى الأزمات تكشف معادن الناس، هبّ معظم الكويتيين إن لم يكن كلهم، لمساعدة المحتاجين وعاملي اليومية الذين انقطعت أعمالهم بالمناطق المحظورة كلياً، مثل جليب الشيوخ والمهبولة منذ أكثر من شهرين وهي مدة طويلة، يذكرنا بموقف تجار الكويت النجباء أمثال يوسف الصبيح ويوسف البدر اللذين قاما بالمساعدة العاجلة بفرش الطرقات بالطعام يومياً لحين انجلاء سنة الفقر (الهيلق) عام 1867 في عهد الشيخ عبدالله بن صباح الصباح.
كما شهدت شخصياً على مساعدة بعض تجار الكويت أيام الغزو العراقي داخل الكويت وخارجها للعائلات التي لم يكن لديها ما يكفيها من الطعام والمال. لا شك أن الأزمات تكشف أمورا خافية وخاملة، ولا أقرب عن ذلك من أزمة كورونا 2020 الحالية والأمثلة عديدة:
1 – الأزمة كشفت عن ضعف التعامل التكنولوجي في قطاع العقار، لم تنتشر تطبيقات عقارية خاصة بالشركات العقارية إلا بتجارب محدودة، وهي مسؤولية القائمين على إدارة كفة السوق العقاري من وزارات وهيئات وجمعيات نفع عام.
2- الأزمة أوضحت من دون شك أن العقار السكني المؤجر هو أفضل استثمار مستقر بسبب تأجير المواطنين وضمان سداد رواتبهم.
3- الأزمة كشفت عن ضعف القوانين (إن وجدت) على عدد المستأجرين داخل شقق وبيوت العزاب المنتشرة من الجهراء إلى الفحيحيل، وحاجة السوق لقوانين منظمة تعتمد على احترام آدمية البشر واستقرار المجتمع وتوفير استهلاك البنية التحتية.
4- بعد انتهاء الحظر الكلي، كشفت أزمة كورونا عن ارتفاع طلبات شراء الشاليهات في مدينة صباح الأحمد البحرية، وكذلك في شاليهات أملاك الدولة لامتناع الكثيرين عن السفر خلال هذا الصيف.
إن صدقت الأخبار بلغ سعر المتر في بنيدر أكثر من 40 ألف دينار، بينما ارتفع الطلب في الضباعية والخيران والزور.
5- الأزمة أعادت تفكير كثير من الوزارات بالاعتماد على العنصر الوطني.
6- بالرغم من الأصوات الكثيرة التي تنادي بتعديل التركيبة السكانية، إلا أن الأزمة كشفت عن صعوبة تحقيق ذلك إلى الآن، لأسباب عديدة منها اجتماعية واقتصادية مثل صعوبة التخلي عن خدم المنازل الذين قارب عددهم الـ 700 ألف عامل منزلي، ورغبة الدولة في الإبقاء على الدورة الاقتصادية القائمة على العمالة الفنية الوافدة بالمنشآت والشوارع والمستشفيات والمزارع والمصانع، ناهيك عن عدد العمالة الوافدة بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تزيد على %90 كما صرح أحد المسؤولين!!
7- أزمة كورونا كشفت عن استفادة تجار المواد الغذائية نتيجة تكالب الناس على الشراء، وانعكس إيجاباً على إيجار محالهم ومخازنهم.
8- أزمة كورونا كشفت عن كثير من الوزارات التي لم تلجأ لميكنة وتطوير أعمالها عن طريق التعامل بالأون لاين، والدليل أن وزارتين أو ثلاثا طبقت ذلك والبقية على طمام المرحوم.. من المسؤول؟
9- التعامل الإلكتروني أو التكنولوجي ارتفع بين أوساط الشباب والعائلات ينبئ عن تطور المجتمع، والأمل في التعامل بشكل أكبر لتخفيف عدد العمالة الوافدة.
10- التعامل الجيّد مع الملف الصحي كشف معدن القائمين على وزارة الصحة بما شجع البعض على إنشاء مشاريع صغيرة في المصانع لتلبية الطلب على الكمامات والقفازات، مما حرَّك بعض المياه الراكدة في قطاع المصانع.
11- تطوع كثير من الشباب بالصفوف الأمامية كشف عن معادن الشباب الذين يمثلون %65 من المجتمع الكويتي، وكان منهم من يواصل الليل مع النهار للسهر على راحة المرضى والمصابين والمحتاجين، مما يشجع الدولة على دعم هذا القطاع من الشباب تجارياً نتيجة نجاحهم في ابتكار تطبيقات إلكترونية تخدم الدولة في الأزمة.