عندما حلّت الأزمة المالية العالمية عام 2008، نجا منها من نجا، وخسر آخرون أموالهم من الشركات والمؤسسات والأفراد، سواء في الأسهم أو العقار أو في أصول أخرى.
في العقار، تبيّن أن من كان يملك أصلا ذا دخل لم يتأثر مثلما تأثر المستثمر بالأراضي الخالية، سواء كانت سكنية أو استثمارية أو حتى التجارية. انخفضت أسعار العقار بعد الأزمة مباشرة عام 2009 إلى أكثر من %30 من أسعار الأراضي الفضاء بالقطاع السكني! ومثلها تقريباً بأسعار الاستثماري، لولا لطف الرب عز وجل، ثم انخفاض أسعار الفائدة التي ساعدت على إعادة السيولة للسوق العقاري مرة أخرى لاستمر الانخفاض أكثر. الشاهد هنا أن العقارات المدرة كانت أقل ضررا بكثير عن الأراضي، قد يكون الاستثمار والمضاربة في الأخيرة أسرع ربحا، لكنه أكثر مخاطرة في ظل أوضاع اقتصادية متقلبة.
لذلك فإن الاستثمار بالعقار المدر خير وأبقى من الأراضي الخالية، وهذا يشمل تملك برج تجاري أو عمارة استثمارية أو بيت استثماري، أو حتى شقة تمليك. هل هناك زيادة في المعروض من العقار حاليا؟
الواقع يقول ان هناك زيادة بالمعروض السكني والاستثماري، بعضها منذ أشهر لم يتقدم احد لشرائها، والأسباب في ذلك متعددة:
أولاً: رغبة المالك بسعر أعلى من سعر السوق.
ثانياً: عدم معرفة المالك بأسعار السوق والتردد في تحديد السعر.
ثالثاً: عدم حصول المالك على أسعار السوق من مصادرها المعتمدة، مما ينعكس على رغبته بالبيع، الدواوين ووسائل التواصل الاجتماعي قد تعطي صورة مغايرة لما هو عليه واقع السوق العقاري. ر
ابعاً: بحث الكثير من المستثمرين عن فرص مناسبة (أقل من أسعار السوق)، الأمر الذي يجعلهم يحجمون عن الشراء مما يزيد من العرض.
خامساً: عدم توافر قوانين ملزمة لبيع العقار بعد فترة قصيرة أو طويلة من عرضه بالسوق، مما لا يدفع ملاك العقارات الى تخفيض سعره أو التخلص منه في أقرب فرصة.
للأسباب المذكوره وغيرها سيستمر السوق العقاري (السكني والاستثماري) متخما بالعروض، التي قد يكون جزء كبير منها إما غير مناسب للشراء أو الاستثمار. إلى متى.. تشطيب العمارات؟
تطرقت مرات عدة الى الحديث عن مستوى تشطيب العمارات بالكويت، الذي يميز السوق العقاري المحلي عن الأسواق العقارية المجاورة كمثال إذا كانت الرغبة بتطوير عقار بالشويخ الصناعية من دورين وسرداب 500م2، زاوية، فإن تكلفة الأرض قد تصل الى 500 ألف، بينما بناؤها لا يكلف أكثر من 120 ـــ 150 ألف دينار، مثال آخر أرض في الجهراء تجارية مساحتها 1750م2، سعرها اليوم قد يساوى 9 ملايين دينار! بينما تكلفة بنائها لا تزيد على 500 ــ 600 ألف دينار، لذلك فإن الحديث المستمر عن ارتفاع القيم الإيجارية قد يكون غير منطقي، عندما تكون تكلفة الأرض تساوي %25 ــ %30 من قيمة المشروع، لا كما هي الحال الآن فإن تكلفة الأرض قد تزيد على %70 من التكلفة الإجمالية للمشروع!
لذلك أكثر من %70 من العمارات المعروضة للبيع تشطيبها سيئ من ناحية الأصباغ، الأرضيات، الالمنيوم، التكييف، التمديدات الصحية، العوازل.. إلخ، في سبيل توفير المالك الفرق بين سعر الأرض المرتفع وتكلفة البناء المنخفضة.
لذلك تظل معادلة الحصول على عقار مميز، استثماري، للتشطيبات، أو موقعه، أو إيجاراته مناسبة، معادلة من الصعب تحقيقها. Volume 0% فالمستثمر يبحث عن الأرخص والأسرع عائدا، وبما أنه لا يوجد كود بناء يلتزم به الجميع سيستمر الوضع على «طمام المرحوم».
هل من المعقول بناء عمارة 500م2 سبعة أدوار وسرداب بـ250 ألف دينار، الذي يساوي سعر بناء فيلا سكنية من دورين، 500م2، تشطيب جيد جداً!