تزوجت سلمى قبل نحو 24 عاما وعمرها 15 عاما من ابن صديق أبيها. فوجئت هذه الطفلة بأن زوجها لا يملك مسكنا مستقلا يحتضنهما وأحلامهما، والأسوأ أن راتبه ضئيل جدا لا يتجاوز 2000 ريال. وقتئذ زاد الطين بلة شخصية زوجها المهزوزة وطموحاته المحدودة، اضطرت إلى أن تسكن في غرفة عزاب ضيقة مع زوجها، عندما صافحت سلمى هذا الواقع المرير استسلمت لنوبة بكاء طويلة، عاشت شهورا عصيبة وهي ترى مستقبلا مظلما ينتظرها مع شريكها، انكسرت وانجرحت، أحست بأنها في غيبوبة لا تعرف متى وكيف ستخرج منها، رأت بعد عدة أسابيع أن تواجه هذا الواقع ولا تختبئ منه، الهروب منه سيزيد الأمور تعقيدا، سيجعلها ترتطم بواقع أسوأ في المستقبل، قررت أن تدير هذه الأزمة بتؤدة وتأن، سألت زوجها أن يمنحها ألفا من راتبه لتدخرها، مرت سنوات على هذا الوضع حتى ارتفع راتبه إلى ثلاثة، فأصبحت تدخر ألفين، كان وضعهما مزريا للغاية، لا يملكان ما يلبسانه ويأكلانه، عاشا سنوات طويلة على ملابس محدودة جدا ومعلبات، جمعا مبلغ وصل إلى 40 ألفا، اشترى بها قطعة أرض في منطقة بعيدة في جدة، وصل سعرها بعد عدة سنوات إلى 250 ألف ريال، باعا الأرض واشتريا أخرى بنحو 100 ألف في الجبيل، قدما على البنك العقاري وخلال ثلاث سنوات شرعا في بناء منزلهما على مهل.
أشرفت على تصميم المنزل بنفسها، حرصت على أن يكون الطابق الأول لها ولزوجها وأطفالها الصغار والثاني حولته إلى شقق لتستثمره وتجني من إيجاراته.
بعد فترة قصيرة اشترى زوجها أخيرا سيارة حديثة بعد سلسلة سيارات مستعملة كان يستخدمها، تعمل يوما وعشرة أيام في ورشة إصلاح السيارات، والأهم من السيارة أن وضعه المادي والعائلي المستقل عزز ثقته بنفسه وصقل شخصيته.
بعثت لي سلمى قصة كفاحها مع صور لمنزلها وحديقتها المشرقة مذيلة إياها بعبارة جميلة: “الصبر والإيجابية يجعلان كل حلم واقعا”.
معظمنا غير راض عن واقعه وهذا أمر صحي للغاية، لكن غير الصحي أن نواجه هذا الواقع بسلبية، علينا أن نتحرك بإيجابية وصبر، لنحول أحلامنا إلى حقيقة تلمس وترى.
لقد انتقلت سلمى من شقتها الضيقة إلى قصر صغير، شيدته بحكمتها وصبرها وحلمها، وبوسعنا نحن الآخرين أن نحقق أكثر متى ما تماسكنا وأمسكنا بأحلامنا ولم نتخل عنها.