أكاد أجزم أن 50% على الأقل من المجتمع السعودي بدؤوا تدابير لو عقلية في ترتيب مصاريفهم مع أول تحول في نمط المعيشة عند رفع الدعم عن البنزين والكهرباء والماء، لذلك هناك توقع لما قد يحدث من اختلالات في ميزانياتهم، ورغم وعد حساب المواطن إلا أننا شعب حذر ولسنا متهورين في عدم قياس الأمور بحجمها الصحيح.
التغيير في نمط المعيشة سينحني له جميع أفراد المجتمع كطبيعة حياتية لمواجهة بعض عواصف الارتفاعات في الأسعار التي سترتفع لارتباطها المباشر مع ارتفاع البنزين الذي عادة ما يقابل ارتفاعه ارتفاعات أخرى في عدد من المنتجات، مما يعني أن التغيير إذا لم يكن خيارا سيكون أمرا للموازنة في الميزانيات الأسرية.
الهاجس الأول لدى غالبية الشعب وما يدور حاليا في الوسط السعودي هو السكن ما بين مخططات وزارة الإسكان وخذلان الصندوق العقاري وعدم وجود مؤشر عقاري، و..و..ولذلك نجد مصطلح حلم السكن كمؤشر سوق الأسهم مع أخبار توزيع منح يرتفع التفاؤل باللون الأخضر ومع أخرى تمويلية يتحول إلى سخط باللون الأحمر.
وبحسب الهيئة العامة للإحصاء فإن أكثر من 50% من الأسر السعودية لا تملك سكنا خاصا، والنسبة أعلى في حال حسبت على نسبة تملك الأفراد، حيث إنه في عدد من الحالات يعيش من ثلاث إلى أربع أسر مع رب الأسرة في سكن واحد، الأمر الذي يؤكد ضرورة رفع مستوى ثقافة السكن لتحقيق هذا المطلب بتعاون الجميع، خاصة رب الأسرة.
ثقافة السكن هي موازنة تعتمد على معايير عدة يجب مراعاتها من قبل كل رب أسرة يريد تحقيق ذلك الحلم ولا بد من جميع أفراد الأسرة من الوقوف بجانبه لتجاوز تلك المرحلة التي تحتاج إلى تطبيق بعض الإجراءات والاستغناء عن بعض المتطلبات وبعض القناعات في السكن السابقة التي لا يستفاد منها.
يجب على الأسرة أن تجتمع على طاولة واحدة وتحدد الإيرادات الشهرية ورصد جميع المصروفات إلى الوصول للمرحلة صفر أو وجود فائض في ميزانية الدخل أو حتى مع وجود العجز، وبعدها يتم التحول إلى المرحلة الثانية وهي حساب ما يتم صرفه من مبالغ على إيجار المنزل ووضعه جانبا مع ما سيتم الاستغناء عنه مقابل الدفع في قرض تمويلي، ولا بد من الاستغناء عن كثير من الأمور وتقليص كسوة العيد والكماليات وحتى لو تطلب الأمر الاستغناء عن المأكولات الخارجية التي ليست صحية بمستوى وجودة ما يعد من أكل في المنزل.
المرحلة الثالثة والأهم هي حجم السكن، نعاني من مشكلة كبيرة وهياط أسري في تخصيص مساحات شاسعة من المنزل لاستقبال الضيوف وغيرهم لدى أسر لا تحتاج أكثر من غرفة مساحتها لا تتجاوز 4*4 لاستقبال ضيوفها على مدار العام والتي لا تتجاوز زيارتهم مرتين في السنة، بينما ما يتم على أرض الواقع أن غالبية الزيارات للشباب تكون في الاستراحات والكافيهات، والنساء لا يحتجن أكثر من غرفة حتى لو كانت الصالة المصممة بطريقة عصرية.
التخطيط الجديد والأفضل والأنفع والأوفر للأسر السعودية يتم من خلال تحديد عدد أفراد الأسرة المتوقع خلال 15 أو 20 عاما، لمعرفة عدد الغرف المطلوب والتي قد لا تتجاوز أربع إلى خمس غرف في الأسر الكبيرة كحد أقصى، فمثلا غرفة للوالدين وغرفة للأولاد وغرفة للبنات مع وجود صالة وغرفة استقبال واحدة فقط بحيث في حال صادف وجود ضيوف من الجنسين وهي حالة خاصة يتم تحويل الصالة إلى استقبال نساء.
في التخصيص السابق هناك توفير على أصعدة عدة، أولها في حجم البناء للمساحة المطلوبة وثانيها عدم إرهاق الميزانية بتأثيث مساحات غالبا لا يتم الاستفادة منها كما يمكن من خلال الفكر الجديد في التصميم استغلال مساحات كبيرة كانت مهملة في السابق من مداخل وأعمدة أساسات وغيرها.
ما نتحدث عنه من تغيير هو نمط رضينا أم أبينا لا بد من التعاطي معه لتحقيق حلم السكن والاستفادة من المبالغ الطائلة التي يتم صرفها في الإيجارات بدون عائد ودون نفع، ويمكن تخطيط ذلك من خلال ما وضعته وزارة الإسكان من برامج في مبادرة مسارات التملك والتي تحمل أربعة مسارات مسار التمويل الميسر، مسار الادخار السكني، مسار الإسكان التعاوني، مسار الإسكان الميسر والتي يمكن من خلالها تحقيق ذلك (الحلم) متوافقا مع ما تتطلع إليه حكومتنا الرشيدة.