
إذا كان المواطنون بحاجة إلى بعض الوقت كي يعرفوا حجم العائد على المال العام الذي سوف تشكله الرسوم المفروضة على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني، فإنهم ليسوا بحاجة إلى هذا الوقت ليدركوا ما أفضى إليه فرض هذه الرسوم من توفير الأراضي البيضاء الصالحة للتعمير والسكن وذلك بعد أن قام أصحاب تلك المساحات الشاسعة بتقسيم وتخطيط أراضيهم وطرحها للبيع تلافيا لدفع الرسوم المقررة عليها، ومن شأن ذلك ألا يوفر الأراضي داخل النطاق العمراني ومناطق توفر الخدمات فحسب وإنما يساهم في تخفيض أسعار الأراضي بعد أن بلغت أسعارها حدا بات فيه المواطنون عاجزين عن شراء أرض تتوفر فيها أو حولها الخدمات واضطر كثير منهم إلى الشراء بعيدا عن العمران ومعاناة انتظار اليوم الذي يصل إليها العمران فيبنون هم أو يبني أبناؤهم، وربما أحفادهم، عليها مسكن العمر المنتظر.
ليس ذلك فحسب، بل إن تفكيك تلك المساحات الشاسعة من الأراضي المحتكرة داخل النطاق العمراني وفي مواقع تتوفر فيها الخدمات من شأنه أن ينقذ كثيرا من المدن الكبرى، كالرياض وجدة، من تلك التشوهات التي كانت تمثلها المساحات الفارغة التي كانت تمزق تكامل وترابط نسيجها العمراني وتثير تساؤلات عما كان ينتظره أصحاب تلك المساحات البيضاء كي يطرحوها للبيع أو يستثمروها بإنشاء وحدات سكنية عليها تساهم في زيادة العرض وتخفض تكلفة الإيجار أو البيع.
ولعل من «بركات» فرض الرسوم وما أدى إليه من زيادة عرض الأراضي للبيع أن جاء ذلك في فترة يشهد فيها السوق العقاري تراجعا حادا في أسعار الأراضي وذلك يعني أن كل ما ينبغي على المواطنين هو التأني في الشراء إذا ما غالى أصحاب تلك الأراضي في أسعارها فهم سيبيعونها في آخر الأمر مختارين أو مكرهين تحت إحساسهم بأن الرسوم التي يدفعونها على تلك الأراضي سنويا سوف تكون أعلى مما يتطلعون إليه من مكاسب بيعها بأسعار باهظة.