حال السوق العقاري اليوم يتلخص باستمرار الهدوء والإحجام عن التداول لسببين الأول ضعف القدرة الشرائية مقابل الأسعار التي وصلت أوجها منذ أكثر من سنتين، والثاني بانتظار ما ينتج عن قرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني.
هذا الهدوء أدى اجباريا الى توقف التداول وهذا مؤشر على انها لن تتجاوز هذه الأسعار خلال الخمس سنوات المقبلة على اقل تقدير، الانخفاض في الأسعار تدريجي ومتفاوت يبدأ من صفر في احياء الندرة والأحياء مكتملة الخدمات وحتى 30% خارج النطاق العمراني للأراضي الخام.
تحركات كثيرة عملت عليها وزارة الإسكان والصندوق العقاري ووزارة المالية منذ مطلع العام بهدف زيادة المعروض من الوحدات السكنية والأراضي المطورة لمشروعاتها ومشروعات القطاع الخاص ضمن برامج الدعم السكني وقروض الصندوق العقاري، او دعم البناء الفردي. وهذه التحركات بحاجة لوقت حتى تظهر نتائجها اقلها نهاية العام المقبل.
الانتقادات التي تطال الوزارة كثيرة ونسبة المواطنين الذين لا يعولون عليها كبيرة بسبب يأسهم من الوعود طوال ثماني سنوات ولكن الإدارة الجديدة بدأت بوضع أسس لتنظيم عمل السوق وبرامج تحتاج لوقت لتقييمها، وربما يظهر بعضها قريبا.
يبقى الواقع الذي يفرض نفسه بعيدا عن الآراء الشخصية والعاطفة التي تحكم الكثير من القرارات والطروحات في الوسائل المختلفة، فالجميع يعتقد بان تطبيق قرار الرسوم على الأراضي داخل النطاق العمراني ستظهر نتائجه مباشرة وستنخفض الأسعار بنسب مضاعفة! مثل هذا القرار سيكون له تأثير لا شك، ولكن على المدى الطويل الذي قد يمتد بين ثلاث الى خمس سنوات ولا بد ان يتزامن معه تنفيذ مشروعات جديدة وتطوير احياء وضواحٍ سكنية مكتملة الخدمات وزيادة المعروض وبالذات في المدن الرئيسة التي تعاني من ازمة سكن وارتفاع الأسعار.
الانخفاض وتوازن الأسعار ووصولها الى معدلات تتناسب مع القدرة الشرائية للمواطن تحكمه حزمه من الحلول وليس الرسوم وحدها والتي قد تأخذ وقتا طويلا لتؤتي أُكلَها. ومنها قروض الصندوق العقاري وبرامج التمويل – الرهن الميسر – الذي يعتقد الكثير انها سلبية على الجميع بينما هي لشريحة قليلة لديها القدرة على الاقتراض وسيكون البديل عن الايجار الذي دفعوه لسنوات طويلة دون فائدة، وتطوير أراضي المنح، ودعم مطوري القطاع الخاص.
اما إذا استمر الحال بدون زيادة المعروض من المساكن، وعدم استخدام قروض الصندوق العقاري للبناء او التملك، والاستفادة من الرهن الميسر بدلا من الايجار للقادرين ومن تحكمهم الحاجة وليس الرغبة، وزيادة المعروض من المشروعات السكنية من قبل القطاع الخاص فان الأسعار ستظل متذبذبة ولن يكون هناك انخفاضات كبرى كما يعتقد البعض.
بنظرة اقتصادية واقعية، كلما زاد العرض للمساكن زاد التملك وقلّ عدد المستأجرين وانخفضت الأسعار تملكا وايجارا. فيما عدا ذلك فستبقى أحلاما واوهاماً بلا منطق.