صديقي يبحث عن شراء منزل في أحد الأحياء شمال الرياض منذ سنوات عدة، طلباته تعجيزية، قدرته المالية محدودة، فبات البحث عن المنازل ودخولها أهم وسائل الترفيه بالنسبة له ولعائلته، يدلف المعروض ويتخيل بأنه منزله فينظم أماكن الأثاث وأبناؤه يختارون غرف النوم بعد شد وجذب، ولكن بعد سؤاله عن قيمة المسكن يجده تخطى إمكاناته.
بعد كر وفرّ، وجد “الفيلا” المناسبة له.. السعر.. المساحة.. التصميم، فرح بوقف الأحلام والاستمتاع بالواقع، وعلى الفور بدأ في إجراءات شراء المسكن ولكن شيئًا بداخله لم يطمئن على سعره كونه منخفضًا، برر لنفسه بقوله: “البائع يمكن أنه محتاج فلوس”.
وقبل أن يوقع العقد، وأثناء وقوفه أمام المنزل في زيارة ثانية، اتجه له أحد الجيران، وكشف له سبب هبوط سعر الفيلا، أمسك بيده صديقي وقال: أخبرني قبل أن أدفع ديوني لهم”، فطلب منه أن ينظر إلى المسكن الذي يقابله فإذا هو مسكن خاص بالعمالة مساحته تقارب من 400 متر مربع ويسكنه أكثر من 200 عامل من مختلف الجنسيات على الفور صديقي، ألغى فكرة واسترجع عربونه، وبحث عن السكن في أحياء أخرى.
للأسف على الرغم من التحذيرات من سكن العمالة داخل الأحياء السكنية، إلا أن بعضهم يستمر في المخالفة، فهمه جني المال ولا يفكر في إيذاء السكان، وكم سمعنا من قصص محزنة في هذا الاتجاه.
ونحن في أزمة كورونا تناشد وزارة الصحة بالبقاء في المنازل والابتعاد عن الخروج للقضاء على هذه الجائحة، وتنصح بالابتعاد مسافة متر ونصف على الأقل داخل السكن، ولكن كيف يتم ذلك داخل سكن العمال الذي يكون في الغرفة الواحدة التي لا يتخطى مساحتها 20 مترًا أكثر من 15 شخصًا، حتى العالم الخوارزمي يقف عاجزًا أمام حسبة النسبة والتناسب بين المساحة وعدد السكان، لأنه من الممكن أن يزيد في أي وقت، فالمسافة الآمنة بينهم داخل السكن معدومة.
وللأسف أن عدد العمالة في الفلل السكنية الصغيرة التي تحولت بسبب الأطماع إلى مقر لهم يفوق نزلاء أكبر الفنادق، هؤلاء العمالة، والكثير منهم لا يهتم بالإجراءات الاحترازية والوقائية من الفيروس المستجد، فلو أصيب أحدهم داخل السكن المخصص كيف سيكون الحال ببقية النزلاء؟.. والمصيبة أنهم يتنقلون بيننا ويعملون في أماكن حيوية.
الجهات المختصة عليها أن تلتفت لسكن العمالة داخل الأحياء السكنية ويكون لهم موقع مخصص، وتكون هناك عقوبات صارمة ضد مكاتب العقار وأصحاب المباني التي تؤجر العمالة داخل الأحياء السكنية.