وأخيراً تم فتح سوق الأسهم السعودية للأجانب، ولم يحدث جديد في السوق بل شهد تراجعاً في يوم الافتتاح مع تداولات ضعيفة، وكنت كتبت مقالاً قبل فترة بمحدودية تأثير فتح السوق للأجانب لأسباب ذكرتها في ذلك المقال. ومع افتتاح السوق ظهرت تصريحات مديري استثمار أجانب أن سوق أسهمنا مرتفعة في التقييم، والواقع أن المشكلة تكمن في القدرة على تقييم سوق الأسهم المستقبلي وليس الحالي. فهو الآن عند مكرر 18 مرة والسعر إلى القيمة الدفترية نحو 2.4 مرة مع توزيعات إجمالية تقترب من 3%، وهي التقييمات المعروفة عن سوقنا تاريخياً. ولا نتوقع أن تنخفض تلك التقييمات مستقبلاً عطفاً على النمو المتوقع في أداء وربحية الشركات والغموض الواضح على مستقبل أسعار النفط، والعاملين الأخيرين (النمو وأسعار النفط) هما ما يحدا من حركة السوق بشكل كبير وليس مسألة دخول الأجانب من عدمه. فعندما تعود التوقعات بارتفاع أسعار النفط واستمرار النمو الاقتصاد المحلي فإن السيولة المحلية لوحدها كفيلة برفع السوق بدون سيولة إضافية من الأجانب. ولو تحققت التوقعات بارتفاع أسعار النفط قبل نهاية العام في مستويات أعلى من 90 دولاراً للبرميل فإن أول الداخلين هم الأجانب عطفاً على أداء معظم الشركات السعودية وسخاؤها في التوزيع وانخفاض معدلات الضريبة على الاستثمار في سوق الأسهم للأجانب، والوزن المتوقع لمعظم شركات الأسهم السعودية في مؤشر الأسوق الناشئة MSCI، وإن جاءت التوقعات خلاف ذلك فإن سوق أسهمنا سيصبح أكبر محطة وقوف للسيولة المحلية بعد الرقود التام الذي أصاب القطاع العقاري.
فالقطاع العقاري يمر بفترة سبات ورقود طال أمده ذلك أن الحكومة مازالت تعتقد أن حلول القطاع الإسكاني بيد وزارة الإسكان وصندوق التنمية العقارية، فرغم الجهود الكبيرة التي بذلتها وزارة الإسكان وصندوق التنمية العقارية بعد تسلم الوزير الجديد، فإننا يجب أن لا نحملهما وزر السوق بأكمله. فالصندوق استطاع الخروج من عباءة وزارة الإسكان وأصبح يتحرك بمرونة وجرأة أكبر، لكن أهم التحديات التي سيواجهها هي محدودية رأسماله مهما بلغت مقابل احتياجات قطاع الإسكان الضخمة، ووزارة الإسكان ستواجه ما يواجهه المطورون العقاريون من بيروقراطية معقدة ومتضادة في بعض الأحيان ما يجعل تحقيق الحلم يأخذ وقتاً أطول مما يتوقعه الكثيرون.
والحل الذي عملت الحكومة عليه لسنوات طويلة لكن بعض الجهات الحكومية وأدته، هو في تفعيل أنظمة الرهن العقاري ودفعها للعمل والتفاعل مع متطلبات سوق الإسكان. وأهمها خفض متطلبات ال30% كدفعة مقدمة لامتلاك مسكن، ومعالجة مسألة الزكاة المحصلة على شركات التمويل العقاري والتي كتبت عنها في مقالات سابقة، أما مسألة الرسوم المتوقع فرضها على الأراضي البيضاء فهي مسألة ستنجلي مع الوقت، إما باعتماد معايير تلك الرسوم، أو تحويل المسألة برمتها للبلديات المحلية لمعالجتها حسب الحالات وخطط التنمية الحضرية، وفي كل الأحوال فإن تأثيراتها لن تكون كبيرة على سوق العقار إذا فعلت أنظمة الرهن العقاري.
الخلاصة تكمن في أننا نمر بمرحلة ركود واضحة في أهم وأكبر سوقين وقناتي استثمار هما (الأسهم والعقار) ولن تنجلي الصورة بوضوح إلا اذا تحسنت مداخيل الدولة من النفط واستتب الوضع الأمني في المنطقة، مع استمرار العمل على تحسين بيئة الاستثمار في السوقين، لتعود أسواقنا جاذبة للاستثمار المحلي والخارجي.