تمنح الدولة لبعض مواطنيها أراضٍ سكنية بين آن وآخر، سواء من خلال بلديات المدن أو عن طريق الأوامر السامية. وغالباً تكون المنح خارج المدن أو بعيدة عن النطاق العمراني، مما يصعب بناؤها لعدم توفر الخدمات كالكهرباء والماء والصرف الصحي فضلاً عن أن الشوارع غير معبدة وليست آمنة!
ولو تم تسليم تلك الأرضي لوزارة الإسكان لتطويرها مع حفظ الملكية للممنوحين، بحيث تقوم الوزارة بتأهيل تلك الأراضي وإيصال الخدمات لها وبنائها إما عن طريق إنشاء جمعيات إسكان تعاوني لتخفيف التكاليف وتحسين المنتج، أو من خلال مطورين عقاريين بهامش ربح مناسب، ومن ثم تسليمها لملاّكها كإيجار منتهٍ بالتمليك بعد سداد تكاليف البناء، ومنح الحرية لمن أراد أن يستلم قرضاً من صندوق التنمية العقارية وبناء مسكنه بأسلوبه الخاص وتحمل كافة التكاليف وسداد القرض بالطرق المتبعة.
والملاحظ أن أراضي المنح يتم بيعها بثمن بخس على بعض تجار الأراضي فتتحول لمضاربات تزيد أسعارها دون مبرر مما يفقدها الهدف وهو مساعدة المحتاج لتملّك سكن مناسب! ولكن هذا المحتاج لن يستفيد منها طالما كانت خارج النطاق السكاني وتفتقد للخدمات الضرورية، وهو ما يدفعنا للنقاش وضرورة النظر في وضعها بدلاً من حرمان الممنوحين للأراضي من حقهم في السكن.
ولأن قضية السكن تتفاقم رغم جهود وزارة الإسكان وسعيها الحثيث لتوزيع مساكن على المواطنين؛ فإن فكرة استلام المنح البعيدة عن النطاق العمراني وبنائها بأسلوب «الضواحي المغلقة» وتوفير الخدمات العامة من مدارس ومستوصفات وأسواق وأماكن ترفيهية ستكون حتماً مجدية وجاذبة للسكان.
ولعل في هذا الإجراء توفير سكن مناسب، وتخفيف على المدن من الازدحام وإيجاد فرص عمل للعاطلين، وفيها تحقيق الدمج بين فئات متعددة من أفراد المجتمع.