تتطلب المشاريع العقارية الكبرى المقامة على مساحات شاسعة إلى استثمارات كبيرة لتطويرها وتحويلها إلى واقع ملموس، حيث يتجه ملاك هذه المشاريع عادة إلى تطويرها على مراحل وفق برنامج زمني مبني على خطة استثمارية وتطويرية معدة مسبقا يتم خلالها العمل على جلب شركاء للمساهمة في تطوير هذا المشروع وفق نماذج استثمارية متعددة منها التأجير لأجزاء من أرض المشروع لفترة زمنية طويلة على المطورين بغرض تطويرها بإقامة مشاريع متفق عليها، أو الدخول في شراكة تقوم على مساهمة مستثمرين بمبلغ معين من المال في مقابل تملك نسبة من المشروع وغيرها من النماذج.
ومن الجيد في هذه المشاريع الكبرى تنويع النماذج الإستثمارية بل وابتكار نماذج جديدة بما يسهم في جذب قاعدة أوسع من المطورين والمستثمرين خصوصا مع تدشين المملكة للعديد من المشاريع الكبرى كمشروع القدية ونيوم وأمالا وغيرها من المشاريع التي تتطلب استثمارات ضخمة. ولعلي هنا اقترح نموذج من شأنه المساهمة بإذن الله في جلب العديد من المطورين وتسريع تطوير المشاريع الكبرى.
وبافتراض أن مالك إحدى هذه المشاريع الكبرى يرغب في قيام أحد المطورين المؤهلين بتطوير مجمع تجاري كجزء من مشروعه الكبير عليه فإن النموذج يعمل وفقا للتالي:
1- يدفع المطور للمالك إيجارا سنويا عن الأرض المخصصة لإقامة المشروع عليها منذ ترسية المشروع عليه ( بداية حق الانتفاع من الأرض) وحتى الإنتهاء من إنشاء المشروع واستخراج شهادة إتمام البناء له.
2- يتوقف المطور عن دفع الإيجار السنوي للأرض بعد استخراج شهادة إتمام البناء للمشروع ويقوم بتسليم نسبة من المساحات التأجيرية المتفق عليها مسبقا من المشروع لمالك الأرض ليقوم بدوره باستثمارها مع احتفاظ المطور بالنسبة المتبقية من المساحات التأجيرية وذلك حتى الانتهاء من المدة المتبقية من حق الانتفاع من الأرض.
بماذا يتميز به هذا النموذج؟
بالنسبة للمطور يساهم النموذج في العديد من الجوانب الإيجابية منها تقليل المخاطر عليه حيث:
1- لا يلتزم المطور بدفع إيجار عن الأرض لسنوات طويلة ( مدة حق الانتفاع من الأرض) تتزايد مع مرور الوقت كما هي العادة في ظل عدم ضمان نجاح المشروع خلال مدة العقد الطويلة.
2- تقليل نسبة الشواغر والخاصة بالمساحات التأجيرية التي قد لا يتم تشغيلها بالمشروع حيث أنه عادة تحتوي المشاريع على نسبة شواغر مع مرور الوقت إلا أنه مع توزيع المساحة التأجيرية بين المطور والمالك فإن هذه النسبة ستقل بالنسبة للمطور.
3- تقليل تكاليف التشغيل والصيانة المرتبطة بالمساحات المبنية وذلك نتيجة تسليمه جزءاً من المساحات التأجيرية لمالك المشروع.
أما بالنسبة لمالك المشروع فإن النموذج يساهم في العديد من الجوانب الإيجابية منها:
1- سرعة تنفيذ وتشغيل المشاريع من قبل المطورين التي تم ترسيتها عليهم لرغبتهم في تقليل تكاليف التطوير من خلال التوقف عن دفع الإيجار الخاص بالأرض في أقصر وقت ممكن. وبالتالي سيحصل المالك على مشاريع مطورة في زمن قصير.
2- استفادة المالك من التدفق المالي الناتج من قيمة إيجار المواقع التي تم ترسيتها على المطورين والتي يمكن استخدامها في تطوير البنية التحتية لبقية المشروع أو أي أجزاء أخرى.
3- الحصول على مساحات تأجيرية متنوعة يمكن استثمارها من كل مشروع يتم تطويره وفقا لهذا النموذج.
4- في حال أن المشروع سيتم تطوير جزء منه وبيع جزء أخر فإن من شأن اعتماد هذا النموذج سرعة رفع قيمة الأجزاء التي سيتم بيعها نتيجة سرعة تطوير وتشغيل الأجزاء الأخرى من المشروع.
من المهم في هذا النموذج الأخذ بالاعتبار للنقاط التالية:
1- أن لا يكون سعر تأجير الأرض رمزي أو مرتبط بنسبة من قيمة الأرض. بل يكون مدورسا بحيث يحفز المطور على سرعة تطوير المشروع المتفق عليه حتى يتوقف عن دفع قيمة الإيجار.
2- أن يتم إعتماد التصاميم الخاصة بالمشروع من قبل المالك لضمان جودة المشاريع الصغيرة المكونة للمشروع الكبير.
3- الإتفاق المسبق على أماكن واستخدامات المساحات – في حال كان المشروع مختلط Mixed-use – التي ستؤول بعد التطوير للمالك من قبل المطور.
4- الإتفاق المسبق على تكاليف تشغيل وصيانة وإدارة المشروع بعد تشغيله.
5- يتم ترسية المشروع على المطور المؤهل والأفضل بناءا على دراسة ثلاثة أرقام ضمن كل عطاء وهي:
1- سعر إيجار المتر المربع من أرض المشروع الذي يقترح المطور دفعه خلال مرحلة التطوير للمالك وحتى استخراج شهادة إتمام البناء للمشروع.
2- نسبة المساحات التأجيرية أو الوحدات ( وفقا لنوع المشروع) التي سيقوم المطور بتسليمها للمالك ليقوم بدوره باستثمارها عند تشغيل المشروع.
3- مدة الانتفاع من المساحات التأجيرية العائدة للمطور التي يرغب بها المطور.
وكما يمكن للمالك ضمن كراسة طلب العروض إيضاح وزن كل عنصر من عناصر التقييم الثلاثة بما يخدم الخطة الاستثمارية للمالك. حيث قد يكون الهدف الحصول على أعلى نسبة ممكنة من المساحات التأجيرية في جميع المشاريع التي يرغب في طرحها للمطورين لتطويرها وبالتالي يتم إعطاء هذا العنصر وزن أكبر يتم إيضاحه في كراسة طلب العروض، وقد يكون الهدف الحصول على سيوله أعلى في البداية وبالتالي إعطاء وزن أعلى لسعر إيجار أرض المشروع.