تهدف الأنظمة عند سنها إلى تنظيم تعاملات الناس ، وتوضيح الالتزامات والحقوق، ولا ريب أن الناس بدون التنظيم والإلزام تبعثرهم الفوضى، وتطغى عليهم ارتجالية القرارات ذات المصالح الخاصة.
وقد ارتضت كثيرٌ من القوانين طريقةَ الإفصاحِ في صدر النظام عن هدفه ؛ لتتركز الجهود على تحقيقه، وتُصحّح وتقوّم حال حيدتها عنه.
وفي المملكة العربية السعودية حرصت القيادة الكريمة على فحص نتائج الاقتصاد ، والانطلاق من وحي الأرقام إلى المعالجة التي تخدم المواطن، ومن أهم ما روعي واعتُني به “توفير السكن الملائم”، ففي اجتماع لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية عُقد يوم الإثنين 27/7/1438هـ تم اعتماد 12 برنامجاً لتحقيق الرؤية ، ومنها ما ارتبط ببرامج الإسكان ، وقد جاء في وصف البرنامج : ” توفير حياة كريمة للأسر السعودية من خلال تمكينهم من تملك منازل تتماشى مع احتياجاتهم وقدراتهم المالية، …. “.
هذا الهدف الكبير تتكامل الجهود لتحقيقه من خلال أنظمة وأجهزة كثيرة ،ومنها على سبيل المثال: التركيز في التعامل مع الأراضي البيضاء التي أصبحت عاملاً مؤثراً يجب الوقوف عنده، فصدر نظام رسوم الأراضي البيضاء بالمرسوم الملكي رقم (م/4) وتاريخ 12/2/1437هـ صدر قرار مجلس الوزراء بالموافقة على لائحة النظام برقم (379) وتاريخ 8/9/1437هـ ، وجاءت الأهداف من النظام في مادته الثانية، ونصها:
يهدف هذا النظام إلى الآتي:
1- زيادة المعروض من الأراضي المطورة بما يحقق التوازن بين العرض والطلب.
٢- توفير الأراضي السكنية بأسعار مناسبة.
٣- حماية المنافسة العادلة، ومكافحة الممارسات الاحتكارية”، فلابد من التدخل بقوة النظام لإحداث التوازن بين الطلب والعرض؛ لأن طغيان أحدهما على الثاني يربك المعادلة، واستقرارُ التعاملات هدف رئيسي لدى المنظم .
هل هناك تعريف للأراضي البيضاء؟
الجواب: نعم، عرفها المنظم بأنها: الأرض الفضاء المخصصة للاستخدام السكني أو السكني التجاري الداخلة في حدود النطاق العمراني.
ونسبة الرسم عليها 2.5٪ من قيمتها (إذا كانت خاضعة لأحكام النظام)، ومما يحسن الإشارة إليه ما ورد في المادة السابعة من النظام بتكوين لجنة للنظر في مخالفات أحكام النظام واللائحة وتطبيق العقوبات والنظر في الاعتراضات المقدمة من ذوي الشأن وإصدار القرارات اللازمة، والمعترضُ على إخضاع أرضه لتطبيق الرسوم، أو على تقدير قيمة عقاره أو الرسم عليه، له التقدم للجنة خلال ستين يوماً من تاريخ إبلاغه بالقرار، وإن مضت ستون يوماً دون إجابة من اللجنة عُدَّ ذلك رفضاً لاعتراضه ، وحينها يجوز له التظلم على قرارها أمام المحكمة الإدارية المختصة.
أما اللائحة التنفيذية للنظام (والتي أُحيل إليها كثيراً) ، فقد اشتملت على مسائل دقيقة، من أبرزها:
1- معايير تحديد الأراضي الخاضعة لتطبيق الرسم.
2- معايير تمنع من تطبيق الرسم.
3- ضوابط تضمن تطبيق الرسم بعدالة وتمنع التهرب من دفعه.
ومما استوقفني عند قراءة اللائحة، المراعاة الكبيرة للعوائق الحقيقية والواقعية التي قد تطرأ على العقار فتمنع من تطويره والاستفادة منه، وسألخص لكم ما جاء في المادتين الثامنة والتاسعة من اللائحة بالنقاط التالية:
1- لا تطبق أحكام النظام على أرضٍ ليست بفضاء (تعريف الأرض الفضاء: أرضٌ لم تُنَمَّ عمرانياً للغرض المخصص له)، ولا على الأرض خارج حدود النطاق العمراني (النطاق العمراني يُحدد وفق ضوابط مرتبطة بمراحل التنمية العمرانية، وحد حماية التنمية، وتمثل الحدود الملائمة لتوطين الأنشطة الحضرية واستيعاب النمو العمراني) ويراعى في ذلك تغيره وتحديثه ولا تطبق أحكام النظام على الأراضي غير المخصصة للاستخدام السكني أو السكني التجاري، وتحديد ذلك يكون وفق المخططات الصادرة عن الجهة المختصة، وأخيراً فالأرض التي ليست من ضمن المرحلة التي حددتها الوزارة لتطبيق النظام (المادة السادسة) لا تطبق عليها أحكام النظام.
2- وجود ما يمنع مالك الأرض من التصرف فيها ، ما لم يكن سبباً في ذلك.
3- وجود عوائق تحول بينه وبين إصدار التراخيص لتطوير أرضه ، ما لم يكن له علاقة في وجودها.
4- في حال تطويره للأرض أو بنائها خلال سنة من صدور القرار فلا يطبق عليه الرسم.
5- إذا توقف تطبيق الرسم على جزء من الأرض ، فيطبق على الجزء المتبقي منها متى ما كان ذلك الجزء يدخل ضمن الفئة الخاضعة لتطبيق الرسم وكان بإمكان المكلف التصرف فيه.
وأختم بالتأكيد على أهمية تضافر الجهود بين الجهات الحكومية والمخاطبين بهذا النظام، وعلى سعي وحرص الجميع لكتابة الملاحظات والنصائح لتحقيق الهدف من سنّ هذا النظام، والله ولي التوفيق .