القطاع العقاري أصبح اليوم أكثر ضبابية بسبب النقاش المتباين فيما يتعلق بمستقبل القطاع العقاري، ففي الوقت الذي يرى البعض أنه مؤهل لمزيد من الانخفاض نجد أن البعض الآخر يرى أن ما نشهده اليوم هو الهدوء الذي يسبق العاصفة وهذا يتكرر كثيرا في القطاع العقاري عندما ترتفع الأسعار بصورة ملحوظة تبدأ في الهدوء قليلا ثم تستقر أو قد ترتفع، وهذا الأمر أصبح يتكرر في كثير من السلع الأساسية، حيث إن الأسعار وإن كان المشهد قصير الأجل تعكس مجموعة من التقلبات إلا أن المشهد على المديين المتوسط والبعيد يكون أكثر ميلا للارتفاع نظرا للظروف العامة للاقتصاد الذي ينمو معه الطلب في ظل انخفاض القوة الشرائية للنقود، ولكن ما زال البعض يعتقد أن العقار تضخم كثيرا كما أن الإجراءات الحكومية مثل الرسوم على الأراضي البيضاء قد يكون لها أثر في الأسعار باعتبار أنها ستشجع ملاك العقارات على البيع أو تطوير عقاراتهم بغرض البيع ما سيزيد معها العرض في السوق وبالتالي تكون الأسعار أكثر انخفاضًا.
السوق العقارية في منطقة الخليج لا شك أنها سوق مميزة وتستقطب كثيرا من الاستثمارات والعقار بصورة عامة ينشط في البيئة المتنامية اقتصاديا، إذ إن له علاقة بمختلف الأنشطة الاقتصادية، والمشاهد اليوم للخطط الاستثمارية و”رؤية المملكة 2030″ والتحول الوطني للمملكة في عام 2020 يجد أن السوق واعدة ولكن شكل الفرص قد لا يكون بالصورة التي يتوقعها البعض، حيث إن المملكة تتوجه اليوم إلى الاستدامة في الموارد وتنويع مصادر الدخل ما سيجعل مسألة الإنفاق أكثر استقرارا دون أن يكون هناك تباين في مستوى الإنفاق بسبب تغيرات أسعار النفط، كما أن السياسة الاستثمارية التي يشجع عليها البرنامج الحكومي للقطاعات الحكومية بشكل عام ستجعل من هذه القطاعات منافسا في السوق وإن كانت تلك الاستثمارات تنتهج الاستثمار بشكل نوعي وليس بشكله العام، ولكن يبقى أن السوق ستكون أكثر تنافسية من ذي قبل. كما أن الإعلان عن مجموعة من المشاريع وسعي المملكة إلى أن يكون لديها تنوع في الأنشطة الاستثمارية سيكون لهما أثر في نمو السوق العقارية، لكل السؤال هنا: هل سيكون الاستثمار في السوق العقارية سائرا بنمط الاستثمار نفسه في وضعه الحالي أم أن قواعد الاستثمار العقاري يمكن أن تتغير؟
كثير من الأنشطة الاقتصادية في المملكة يتأثر بالنهج الحكومي في الإنفاق فإذا زاد الإنفاق على المشاريع في البنى التحتية الذي يحقق وفرة مالية للمقاولين وغيرهم من رجال الأعمال في القطاعات التي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بقطاع المقاولات والمشاريع ومن ثم ينعكس ذلك على الأسعار في السوق خصوصا القطاع العقاري الذي يرى كثيرون أنه أفضل الخيارات للاستثمار وتحقيق نمو للاستثمار وللأصول خصوصا مع تقلبات قطاع الأسهم الذي يجد البعض أن الاستثمار فيه مغامرة قد تتلاشى معها مدخراته.
التوجه الحكومي اليوم استفاد كثيرا من التجربة السابقة في الإنفاق ويظهر أنه لا يميل إطلاقا إلى سياسة تزيد من حجم ضغط السيولة على الأسعار، إضافة إلى أن وجود الرسوم والضرائب سيحد من حجم الإنفاق المبالغ فيه في السوق إلا أن السوق العقارية ستبقى أكثر جاذبية من ذي قبل ولكن من خلال قراءة تحتاج إلى مزيد من الدراسة خصوصا فيما يتعلق بالتوجهات العامة للسوق في المستقبل، فهناك مجموعة من المستجدات التي يمكن من خلالها قراءة توجهات السوق فيما يتعلق بالاستثمار في القطاع العقاري منها الإعلان عن البرامج العملاقة في القطاع السياحي والترفيه، ومنها سياسة وزارة الإسكان في تمكين المواطنين من الحصول على سكن، إضافة إلى صناديق الريت التي تم طرح مجموعة منها في السوق خلال الفترة الماضية وما زالت السوق تنتظر مجموعة أخرى من الاستثمارات في هذا القطاع، كما يلاحظ اهتمام البنوك والمؤسسات المالية بالصناديق التي تستثمر في القطاع العقاري، وهذه الاستثمارات نلاحظ أنها استثمارات نوعية خلافا للطرق السائدة لدى كثير من المستثمرين في القطاع العقاري الذين يميلون إلى تملك الأراضي الخام المحاذية للمدن طمعا في فرص تضاعف أسعارها مستقبلا.
فالخلاصة أن الاستثمار في القطاع العقاري اليوم والفرص فيه يميلان إلى الجانب النوعي خصوصا بعد الإعلان عن مشاريع عملاقة في قطاع السياحة والترفيه، إضافة إلى صناديق الريت والصناديق الاستثمارية المتخصصة في القطاع العقاري كما أن توجهات وزارة الإسكان سيكون لها أثرها في السوق، وهذا ما يتوقع أن يحظى بفرص أفضل في مجال الاستثمار العقاري.
المصدر