أقر مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين برنامج إيجار الذي يتضمن تسجيل جميع عقود إيجار الوحدات السكنية والتجارية إلكترونيا من خلال الشبكة الإلكترونية ــــ الموافق على إنشائها بقرار مجلس الوزراء رقم (131) وتاريخ 3/4/1435هـ ــــ، ومن يخالف ذلك تطبق عليه العقوبات الواردة في لائحة تنظيم المكاتب العقارية، الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم (334) وتاريخ 7/3/1398هـ، وهذا التنظيم له أثر كبير في مسألة الاستثمار العقاري، وهو يعزز من حجم الاستثمار في هذا القطاع، إذ إن هذا النظام يمكن أن يستفاد منه في حفظ الحقوق لأطراف التعاقد سواء من المستأجرين أو الملاك والحد من القضايا التي تعرض على المحاكم والشرط، إضافة إلى أنه يوفر قاعدة بيانات تستفيد منها الجهات الحكومية خصوصا وزارة الإسكان، ومن فوائده المهمة إقرار مجموعة من الترتيبات، التي من ضمنها أن تقوم وزارة الإسكان بإعداد وتنفيذ برنامج لضمان دعم المواطنين غير القادرين على دفع أجرة المسكن، يمول مما قد يخصص له في ميزانية الدولة ومن الإعانات والهبات، والأوقاف التي تخصص لذلك.
من المعلوم أن واحدا من أهم أسباب عدم وصول الإعانات إلى المحتاجين هو ضعف وجود قاعدة بيانات كافية تمكن من وصول المساعدة إلى المحتاج، وتمنع أيضا أشخاصا من الحصول على هذه الإعانات بغير حق لعدم استحقاقهم لها، كما أنها تساعد في تقديم الإعانة بالطريقة المثلى وتجعلها تنفق فعليا على الأمور الضرورية.
الترتيب الخاص فيما يتعلق بدعم المواطنين غير القادرين على دفع الإيجار يعتبر أحد أشكال الكفاءة في تنفيذ البرامج الاجتماعية، إذ إن البرنامج يعزز من القدرة على جمع معلومات كافية يمكن لها أن تحدد بشكل كبير من يحتاج إلى الإعانة من المواطنين، كما أنها تتعلق بأمر يعتبر من الضروريات للمواطن وهو السكن، ويمكن أن تكون الإعانة على أمر ضروري للشخص، حيث لا تقدم له المساعدة ثم يتم إنفاقها على التي تعتبر أقل احتياجا.
من الجوانب الإيجابية لهذا الترتيب أنه يحفظ للمواطن كرامته إذ إن كثيرا من المتضررين والمحتاجين يرفض أن يكون مصدر الإعانة مؤسسة خيرية أو صدقة من شخص ما، ولكن تجد أنه يتقبل أكثر إذا ما كان مصدر الإعانة من قبل جهة حكومية كنوع من الضمان الاجتماعي، كما أنه يحقق الكفاءة في الموارد والإنفاق لدى المؤسسات الاجتماعية إذ إن البرامج الاجتماعية إذا كانت أكثر موثوقية وكفاءة في الإنفاق فإن ذلك يعزز من فرص زيادة حجم الموارد.
من المهم عند تطبيق هذا النظام والترتيبات المتعلقة به في مسألة مساعدة المحتاجين هو العمل على أمور منها: توفير قاعدة بيانات متكاملة، حيث تقلل من حاجة المواطن إلى مراجعة مجموعة من الجهات من أجل الحصول على هذه الإعانة، إذ إن هذا قد يؤدي إلى حرمان البعض من الإعانة وتأخر حصول آخرين عليها. كما أنه من المناسب أن تكون هناك قاعة بيانات تستفيد منها المؤسسات الخيرية خصوصا التي تهتم بجانب الإسكان والمديونيات الخاصة بالأفراد، التي من الممكن أن تستفيد من هذه المعلومات في تحديد المحتاجين إلى الإعانة والمشاركة في السداد عن المحتاجين من المتعثرين بالسداد، إذ إن كثيرا من المؤسسات الخيرية تحصل على تبرعات سخية ولديها موارد جيدة ومساهمتها في مثل البرنامج مهم ويحقق توظيفا أفضل لما لديهم من أموال مخصصة لتوزيعها كتبرعات، هذا الترتيب له أثر مهم في استقرار كثير من الأسر إذ إن تعثر المستأجر غير القادر على السداد سيؤدي بالمؤجر إلى إخراجه من المنزل ما سيزيد العبء عليه كثيرا في ظل عدم قدرته على توفير قسط كاف لاستئجار منزل آخر، كما أنه قد يؤدي إلى أن تسكن هذه الأسر في منزل غير مناسب لها، ما يجعلها تعيش ظروفا إنسانية سيئة.
فالخلاصة أن برنامج “إيجار” من المبادرات المهمة في ظل العناية بتطوير شكل الاستثمار العقاري، والترتيب الخاص ببرنامج لضمان دعم السعوديين غير القادرين على دفع أجرة المسكن عبر تمويله من خلال ميزانية الدولة أو عبر مصادر أخرى سيعزز من كفاءة البرامج الاجتماعية وتحديد المستحقين بأكثر دقة لوصول الإعانة إليهم، ودعم هذا البرنامج بقاعدة معلومات جيدة يمكن أن يكون له أثر في برامج اجتماعية أخرى، ولعموم المؤسسات الاجتماعية الأخرى التي تحتاج إلى أن تطلع على تفاصيل أكثر لتقديم الدعم المناسب للمحتاجين.