الصناديق العقارية المتداولة “الريت REIT” تعد إحدى أهم سمات الكفاءة والتوسع الذي تشهده السوق المالية السعودية، التي سعت منذ فترة ليست بالقصيرة إلى زيادة الفرص الاستثمارية للأفراد والشركات، إضافة إلى زيادة جاذبية السوق المالية السعودية لاستقطاب مزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية التي تعد أكثر رشدا وذلك بسبب زيادة مستوى الرقابة والشفافية لهذه السوق مقارنة بفرص استثمارية أخرى ما زالت تنتظر مزيدا من التنظيم كالاستثمار في قطاع العقار.
الصناديق العقارية المتداولة “الريت” تعد إحدى الفرص الاستثمارية التي يمكن أن تصنف بأنها متوسطة المخاطر، كما أنها تحقق عائدا وتوزيعات دورية للمستثمرين. لهذه الأداة الاستثمارية مجموعة من المميزات التي تشجع البعض على الاستثمار بها ومن ذلك أنها تستثمر في القطاع العقاري الذي يجذب كثيرا من المستثمرين ويرى البعض أن قطاع العقار خصوصا في منطقة الخليج يعد إحدى أهم صور الاستثمار التي يمكن أن تحقق عوائد جيدة، إضافة إلى نموه المستمر في ظل النشاط الاقتصادي الذي تشهده المنطقة وأنه يعد الأكثر استقرارا وأكثر عائدا مقارنة بصور أخرى للاستثمار سواء منخفضة المخاطر التي تحقق عوائد محدودة جدا أو عالية المخاطر التي يحصل فيها تقلبات كبيرة يمكن أن تؤثر في استثمارات الشخص خصوصا أنها تخضع لعوامل متعددة سواء كانت داخلية أو خارجية، كما أن من ميزات صناديق الريت خصوصا التي تتداول حاليا في السوق السعودية أن لديها عوائد تعد مناسبة نوعا ما، إضافة إلى أن لديها عقودا متوسطة المدى تصل في بعضها إلى خمس سنوات فأكثر ما يعني الاستقرار في العوائد إلى مدة معينة، كما أن هذه الصناديق تلتزم بتوزيعات دورية لعوائدها بما لا يقل عن 90 في المائة من تلك العوائد.
في المقابل هذه الصناديق نجد أنها تستثمر في القطاع العقاري الذي ينتابه الغموض عند البعض بسبب أنه يتوقع انخفاضا لأسعار العقارات في المستقبل القريب ما سيؤدي إلى انخفاض عوائد تلك الصناديق، ولكن الملاحظ اليوم الاستقرار الذي تشهده أسعار تلك الصناديق ما يعكس مستوى الرشد في السوق المالية السعودية ولعل أحد الأسباب أن اللاعب الرئيس في السوق لم يعد الأفراد، بل أصبحت الصناديق التي تدار من مؤسسات ذات خبرة هي الأكثر تأثيرًا في السوق ما جعل أسعار صناديق الريت تأخذ الشكل الطبيعي لها الذي يتناسب مع الاستثمارات المتوسطة المخاطر التي يتوقع أن النمو فيها سيكون محدودا بإعتبار أن تلك الصناديق تستثمر في أصول ذات عوائد وليست لديها خطط للتوسع بما يؤدي إلى زيادة أصولها ومن ثم زيادة العوائد، كما أن مخاطر التغيير في العوائد قد تكون محدودة ولا يتم خلال فترة قصيرة وبالتالي قد تشهد تلك الأصول نموا ولكن على المدى المتوسط وسيكون أثر ذلك معلنا بما يعكس التسعير المناسب لتلك الأصول.
الصناديق العقارية المتداولة ما زالت تجربة جديدة في السوق وقد لا تتضح الفرص فيها لدى الأفراد وبعض المؤسسات التي تهتم بالبحث عن الفرص فيها إلا بعد فترة من عملها التي تتضمن تقديم توزيعات نقدية للمساهمين فيها، كما أن هذه الصناديق ستشهد تفاوتا في الاهتمام من قبل المستثمرين باعتبار نوع الأصول المستثمرة والفرص لتلك الأصول في تحقيق عوائد مناسبة، يبقى أن الأهم لدى المستثمر أن يكون لديه الوعي الكافي بهذا النوع من الاستثمارات وأن يبحث عن الفرص فيه باعتبار أنه كما سبق الإشارة إليه بأنها من الاستثمارات متوسطة المخاطر إذا ما قورنت بالأسهم وتنويع محفظة المستثمر من جهة مستوى المخاطر يعد أمرا جيدا، كما أن مثل هذه الاستثمارات قد تكون مناسبة لجهات مثل الأوقاف التي تستثمر على المدى البعيد وتتطلع إلى عوائد لاستثماراتها وتوزيعات بشكل دوري لإنفاقها على المجالات الخاصة بغرض الوقف، كما أنها تتمتع بشفافية عالية مقارنة بإدارات الوقف في شكلها الحالي، ولها أثر في تخفيض تكلفة إدارة الاستثمار.
فالخلاصة أن الصناديق المتداولة “الريت” تعد إحدى الإضافات المهمة للسوق المالية السعودية التي تلبي رغبة كثير من المستثمرين الذين يجدون الاستثمار في القطاع العقاري قيمة مضافة لاستثماراتهم، كما أن العوائد والتوزيعات الدورية تجعل مثل هذه الاستثمارات جذابة لكثير من الأفراد والمؤسسات الاجتماعية خصوصا الأوقاف، ولعل الاستقرار الحالي لأسعارها مؤشر إيجابي على حالة الرشد التي تشهدها السوق المالية السعودية حاليا.