في مبادرة مهمة قامت وزارة المالية باتخاذ قرار إدراج الصكوك الحكومية والسندات، وهذا القرار سيؤدي إلى ازدياد حجم سوق الدين ليصل إلى أكثر من 230 مليار ريال بعد أن كان لا يتجاوز حجمه 26 مليار ريال، حيث سيتضاعف بأكثر من سبع مرات بعد هذا الإدراج، ما سيكون له الأثر في مجموعة من الأمور، منها تحقيق التنوع في الأدوات المالية للسوق، حيث إنه منذ أن تم فتح سوق للصكوك في السوق المالية السعودية نجد أن نشاط السوق كان ضعيفًا جدًا، فحجم التداول قد يكون مرة واحدة في ثلاثة أشهر، وهذا المعدل ضعيف جدا يوحي بأن السوق، ورغم وجودها في السوق المالية، غير فاعلة بما يكفي أو يدل على أثرها فعليا، إذ كيف تنشأ سوق لغرض تداول الصكوك بما يتطلبه من تكلفة أيا كانت ولا تتحقق التداولات بها إلا مرة واحدة في عدة أشهر، وهذه الحالة تجعل السوق غير فاعلة إذ لا تشجع على الاستثمار فيها، خصوصا أن تسييل هذه الوحدات أو استقطاب الاستثمارات للشراء فيها لن يتحقق، بسبب هذا الضعف في التداول، وبناء على ذلك فإن إدراج هذا الحجم من الصكوك للتداول سيغير شكل السوق ويستقطب الاستثمارات إليها بصورة كبيرة، كما أنه يمكن مستقبلا أن يتم الإدراج في السوق المالية مباشرة من خلال السوق الأولية، ومن ثم يتحول الإصدار إلى السوق الثانوية بعد اكتمال إجراءات الاكتتاب والتخصيص، وهذا ما سيزيد من حجم الصكوك في المستقبل بصورة كبيرة، وهو أحد أهم عوامل جذب الاستثمارات إلى السوق.
من الأمور التي يمكن أن تنشط حركة البيع والشراء وزيادة الإصدارات في الصكوك هو ارتفاع معدل الفائدة في المملكة، ما يعني عائدا جيدا للصكوك، خصوصا التي تعتمد السايبر مؤشرا وهذا الغالب في إصدارات الصكوك، وارتفاع معدل الفائدة الذي سيرفع بدوره معدل الربح السنوي للصكوك، وسيكون له أثر في إيجاد التوازن بين الخيارات الأخرى للاستثمار، كما أنه سيقدم إضافة للمستثمرين في تحقيق توازن لمحافظهم الاستثمارية باعتبار أن الصكوك تعد من الاستثمارات المنخفضة المخاطر، وبالتالي ارتفاع عوائدها وتوفير عدد مناسب يزيد من حجم الصكوك، وسيكون له أثر في تنويع محافظ المستثمرين، إضافة إلى الانخفاض في أسعار الخيارات الأخرى سواء كانت في السوق المالية السعودية أو في أشكال أخرى للاستثمار.
الصكوك الإسلامية في المملكة ما زالت محدودة عطفا على حجم الاستثمارات وقوة السوق والمستقبل المتوقع لهذه السوق، خصوصا مع الانفتاح على مجال الاستثمار في السوق المالية السعودية، وبعد اكتمال دخول مؤشرها ضمن مؤشرات الأسواق الناشئة سيزيد الطلب على الأدوات منخفضة المخاطر، خصوصا الصكوك، بل إن بعض الإصدارات الموجودة في دول بالعالم يمكن أن تتخذ من السوق المالية السعودية خيارا لتداول إصداراتها، ما يعزز من نشاط هذه الإصدارات وحجمها في السوق المالية السعودية.
هذا الاهتمام بالسوق والزيادة المتوقعة في حجمها وفائدتها للمستثمر تتطلب أن يكون هناك مجموعة من الإجراءات التي يمكن أن تجعل المستثمر الفرد يستفيد من الفرص في السوق، سواء فيما يتعلق بإصدارات الصكوك أو الصناديق المتداولة مثل صناديق الريت والمؤشرات، وهذه الصناديق يمكن أن توفر خيارات جيدة للمستثمرين في ظل انخفاض أسعار العقارات وبعض الأسهم، مع وجود مؤشرات للربح السنوي فيما يتعلق بصناديق الريت التي إذا ما كانت الأصول المستثمر فيها جيدة فإنه يتوقع وبحسب المؤشرات الاقتصادية ومع تحسن الاقتصاد بعد خمس سنوات، أن تتحسن تلك العوائد إذا ما كانت بوضعها الحالي عادلة وتعكس واقع السوق التي تشهد انخفاضا نسبيا للإيجارات.
فالتعريف بالأدوات الاستثمارية الجديدة مهم، ويجب أن تكون المعلومات التفصيلية لها متاحة بشكل ميسر للمستثمرين، خصوصا الصكوك التي تفتقر إليها محافظ الأفراد حاليا، بسبب عدم المعرفة التفصيلية بها، إضافة إلى محدودية الإصدارات المتداولة وارتفاع قيمتها الاسمية نوعا ما.
فالخلاصة أن إدراج الإصدارات الحكومية من الصكوك سيكون له أثر إيجابي على السوق بمضاعفة حجم أدوات الدين المتداولة من 26 مليار ريال إلى 230 مليار ريال، وستكون أهمية الصكوك، بسبب العائد الجيد المتوقع الذي تحققه للمستثمر وأنها أداة منخفضة المخاطر، إضافة إلى أهميتها في إيجاد تنوع في محافظ المستثمرين بين أدوات منخفضة المخاطر وأخرى متوسطة أو عالية المخاطر، ولكن من المهم وجود برامج تعريف بالصكوك ومعلومات تفصيلية عنها، والعمل على تخفيض قيمتها الاسمية.