موضوع السكن أصبح اليوم بما لا يدع مجالا للشك فيه إحدى أهم القضايا التي حصلت على درجة متقدمة من الاهتمام الحكومي باعتبار أنها احتياج ملح لكثير من المواطنين، ومنذ أن تم إصدار نظام الرهن العقاري والتأجير التمويلي ألزمت مؤسسة النقد المصارف بألا يتجاوز حجم التمويل 70 في المائة من قيمة العقار، ما يعني أنه على العميل أن يوفر 30 في المائة من قيمة العقار ليتمكن من تقديم الدفعة الأولى للبنك لطلب التمويل، وهذا الإجراء قد يكون عائقا لكثير من الراغبين في الحصول على تمويل لشراء مسكن، وهو ما دفع وزارة الإسكان إلى التنسيق مع الجهات ذات العلاقة من أجل التخفيف في هذا الشرط إلى أن تم التوصل إلى تخفيض نسبة مقدم طلب التمويل إلى 15 في المائة من قيمة العقار عوضا عن نسبة 30 في المائة.
جاء في قرار مجلس الوزراء ما نصه: تقوم وزارة الإسكان بالتنسيق مع وزارة المالية ومؤسسة النقد العربي السعودي بتنفيذ برنامج تمويل عقاري باسم (الرهن الميسر) للمستفيدين من برامج وزارة الإسكان بما لا يخالف أحكام نظام التمويل العقاري خاصة ما قضت به المادة (3) من النظام بأن تكون مزاولة الممول أعمال التمويل العقاري بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية. تضمن وزارة المالية ما لا يتجاوز 15 في المائة من قيمة العقار الممول للمستفيدين من برامج وزارة الإسكان على شكل وديعة لدى الممول العقاري ويستمر الضمان إلى أن يصل رصيد مبلغ التمويل القائم إلى 70 في المائة من قيمة العقار الممول عند المنح”، وهذا القرار يتضمن مجموعة من النتائج التي يمكن أن ترسم شكل الدعم لتملك السكن مستقبلا مع الاهتمام الكبير بهذا الموضوع في إطار برنامج التحول الوطني 2020 و”رؤية المملكة 2030″ تقليص نسبة المواطنين الذين لا يملكون سكنا حاليا وكيف يمكن تقديم مجموعة من الخيارات لتملك السكن، ومن هذه النتائج:
– إن التركيز في موضوع الدعم السكني سيكون للأكثر احتياجا بمعنى أن الفرص لتملك السكن ستكون حسب الأولوية في الاحتياج لا فيما يتعلق بتصنيف وترتيب وزارة الإسكان، بل حتى على مستوى الجهات الأخرى، إذ إن فرصة تملك السكن بدفعة تقدر بـ15 في المائة ستكون للأفراد المستحقين للدعم السكني لا عموم المواطنين وبالتالي ستكون فرصهم في الحصول على التمويل والحصول على عروض مناسبة من قبل المصارف وشركات التمويل العقاري ستكون أكبر مقارنة بغيرهم خصوصا أنه توجد لديهم ضمانات من قبل وزارة المالية كما أن أعدادهم تغري المؤسسات المالية للاندفاع بصورة أكبر لتمويلهم بتكلفة أكثر تنافسية.
– دخول القطاع الخاص في موضوع التمويل سيكون له أثر في مسألة جودة المنتجات السكنية، إذ إن المؤسسات الممولة غالبا ما تقدم خدمة التأمين على العقار، وهذا سوف يحد من القبول بالمنتجات العقارية الرديئة في السوق التي كانت بالنسبة لبعض المواطنين كارثة بعد مرور فترة قصيرة من شراء العقار، إذ ظهر عليه مباشرة أثر سوء التنفيذ.
– إن هذا الإجراء قد يشجع الزيادة في حجم الطلب على الوحدات السكنية ويزيد من تقديم خدمات البيع على الخريطة التي تناسب بصورة أكبر الأفراد باعتبار أنه سوف تكون لديهم خيارات قبل بدء المشروع، إذ إن انخفاض حجم الطلب على الوحدات السكنية كان له أثر كبير في ضعف الاستثمار في التطوير العقاري الذي يمكن أن يقلل من فرص وجود منتجات مناسبة للأفراد وقد تتعقد بصورة أكبر مسألة معالجة زيادة نسبة المواطنين الذين يتملكون سكنا خصوصا مع حجم النمو السكاني بالمملكة.
– خيار الرهن الميسر سيكون مناسبا لشريحة معينة من المواطنين، ووجود خيارات أخرى خصوصا بعد القرارات المتتالية التي تتضمن تخصيص أراض مناسبة داخل النطاق العمراني لوزارة الإسكان سيكون لها أثر في العمل على بناء وحدات سكنية مناسبة متكاملة الخدمات لتمنح للمواطنين مستقبلا، خصوصا من لا يناسبه خيار التمويل.
يبقى أن الاستمرار في تقديم مجموعة متنوعة من الخيارات أمر مهم لوزارة الإسكان ولذلك من المهم الإبقاء على التمويل المباشر الذي كان يعمل به صندوق التنمية العقاري سابقا باعتبار أن هذا الخيار يناسب شريحة من المواطنين خصوصا المقيمين في غير المدن الرئيسة التي تكون أسعار الأراضي فيها مناسبة.
فالخلاصة أن الرهن الميسر سوف يشجع مجموعة من المواطنين المستحقين للدعم السكني على التملك بوتيرة أسرع بعد تخفيض نسبة الدفعة الأولى المطلوبة منهم، وهذا يعتبر نوعا من تقديم تنوع في خيارات دعم السكن، وهذا مهم لزيادة نسبة تملك السكن بين المواطنين، ومن المقترح إعادة التمويل المباشر الذي قد يكون خيارا مناسبا للأفراد في غير المدن الرئيسة باعتبار أن أسعار الأراضي لديهم مناسبة.