التاريخ الائتماني credit history في بعض دول العالم له تأثير على التمويل، وقد يكون التأثير في قبول طلب العمل للحصول على التمويل أو فيما يتعلق بتكلفة التمويل، وهذا يشابه إلى حد ما التأمين، حيث إن التاريخ الخاص بالعميل فيما يتعلق بالحوادث التي يمكن أن يواجهها يؤثر بصورة واضحة في تكلفة التأمين للمركبة، كما أن حالة العميل الصحية وتاريخه فيها يؤثر أيضا في تكلفة التأمين الصحي، وهذا أمر يعد أكثر عدالة في التعامل مع الحالات المتعددة، كما أنه يفتح المجال لمؤسسات التمويل للعمل على آلية تشجع فيها العملاء على الالتزام، فالطريقة المعتادة للتمويل تعتمد على معايير عامة يتشابه فيها الأشخاص، في حين أن هناك اختلافا فعليا بين كل حالة وأخرى من جهة المخاطر، ما يتطلب وجود معاملة مختلفة يمكن أن تكون أكثر عدالة وفيها مكأفاة لمن لديه تاريخ جيد.
الهدف المباشر للتمويل المسؤول هو العمل على إيجاد قاعدة بيانات عن العميل للحد من تمويل الأشخاص الذين يتوقع أن يؤثر فيهم التمويل مستقبلا من جهة قدرتهم على الوفاء به أو تأثير ذلك في احتياجات لديهم لها أولوية أكبر، وقد كان الأمر قبل العمل على برنامج التمويل المسؤول يتساوى فيه الشخص الذي لديه راتب يبلغ عشرة آلاف ريال ويعول زوجته فقط مع الرجل الذي يحصل على الراتب أو الدخل نفسه مع وجود ستة من الأبناء، ومع وجود الفارق الكبير بينهما باعتبار أن الأول يتحمل أعباء يومية وشهرية أقل بكثير فيما يتعلق بتكلفة المواد التموينية اليومية والإيجار، إضافة إلى تحمل أعباء مصروفات فواتير الخدمات والتعليم والعلاج وغيرها من الالتزامات الثابتة، هذا الفارق سيكون له أثر في قدرة الفرد على السداد واحتمالات إخفاقه في ذلك، ولذلك من المهم بناء سجل ائتماني أو تاريخ ائتماني للأفراد يتعلق بمستوى إلتزام الفرد فيما يتعلق بسداد مديونياته أيا كانت تلك المديونيات.
هذا الإجراء له دور كبير في أمور تخدم القطاع المالي وعملاء المصارف، ومن ذلك أن التاريخ الائتماني يساعد على اتخاذ القرار من قبل الجهات التي تقدم التمويل، حيث إنها ستنظر إلى التاريخ الائتماني للعميل، وبالتالي تقرر إذا ما كان من حيث المبدأ ملتزما بالسداد أم لا فيما يتعلق بمعاملات سابقة أيا كانت تلك المعاملات ما دام أن فيها ائتمانا حتى فيما يتعلق بالفواتير الصغيرة، وفي المقابل يمكن أن يكون للعميل ميزة فيما يتعلق بالتاريخ الائتماني في الحصول على عروض من شركات التمويل، سواء كان هذا التمويل طويل المدة أو قصير المدة، حيث إن التزامه خلال تاريخه الائتماني دلالة على انخفاض المخاطر فيما يتعلق بالتمويل الذي يقدم إليه، وهذا مشابه لحالة التأمين على المركبات، فعندما يتم التأمين على شخص لم يقع عليه حادث خلال مدة خمس أو عشر سنوات، سيحصل بالتأكيد على قيمة اشتراك منخفضة مقارنة بالشخص الذي حصل عليه أكثر من حادث خلال خمس سنوات، وهذه مؤشرات مهمة، خصوصا مع التوسع في التمويل من خلال شركات التمويل والتأجير التي لا تقدم غالبا الخدمات التي تقدمها المصارف، مثل فتح الحسابات الجارية، التي استخدمتها معظم المصارف كشرط للتمويل لتضع يدها على مصدر مستمر للدخل تضمن معه التزام العميل بالسداد، وهذا فيما يظهر أنه لا بد أن ينتهي يوما ما باعتباره أمرا غير مقبول ويضر بالعميل في بعض الحالات، خصوصًا مع وجود المنافسة بين المصارف فيما تقدمه من خدمات يجد نفسه مضطرا للتعامل مع مصرف مدة 20 عاما أو أكثر دون رغبة منه، لكن مع وجود خيارات أخرى أكثر مرونة سيميل العميل إليها بما تضطر تلك المصارف إلى التنازل عن هذا الشرط، مع الاكتفاء بالمعلومات الائتمانية التي يمكن الحصول عليها من التاريخ الائتماني للعميل.
الخلاصة، إن التمويل المسؤول خطوة جيدة فيما يتعلق بقرار تمويل الأفراد من خلال جميع المعلومات الخاصة به فيما يتعلق بالمصروفات الدورية عليه، إضافة إلى مصادر الدخل المستمرة، سواء الراتب أو غيره، وقد يكون لهذا الإجراء فائدة في بناء قاعدة بيانات للتاريخ الائتماني للأفراد للاستفادة منه في اتخاذ قرار الموافقة على التمويل للعميل من عدمه، والاستفادة للعملاء المنضبطين في السداد للحصول على فرصة للتمويل بتكلفة أفضل وشروط أقل.