صدرت موافقة مجلس الوزراء واعتماده الضوابط ذات العلاقة ببيع وتأجير الوحدات السكنية على الخريطة، وهذا التنظيم يهدف إلى توفير فرص أكبر لزيادة المعروض من الوحدات السكنية إضافة إلى أنه يوفر خيارات أكبر للمستفيدين من هذا التنظيم الذين يبحثون عن سكن.
البيع على الخريطة لا يعتبر فقط تنظيما يزيد من فرص زيادة المعروض من الوحدات السكنية بل هو تنظيم يزيد من كفاءة السوق العقارية ويعزز من فرص استقطاب الاستثمارات في هذا المجال وهو تنظيم معمول به في كثير من دول العالم ويزيد من فرص الإقبال بصورة أكبر من المستثمرين داخل المملكة وخارجها للاستثمار في مثل هذا النوع من الاستثمارات.
البيع على الخريطة يمكّن كثيرا من الأفراد من تملك السكن بتكلفة قد تكون أقل وبضمانات أفضل، إضافة إلى أنه قد يزيد من خياراتهم سواء فيما يتعلق بالسعر أو نوع المسكن وحجمه، إضافة إلى أنه قد يوفر خيارات لدفع قيمة المسكن بطريقة تتناسب بصورة أكبر مع إمكانات المستفيد، وفي الوقت نفسه فهو يوفر للشركة المنفذة سيولة للبدء في المشروع، وتكون لديها فرصة أفضل لتسويق الوحدات السكنية وبنائها قبل البدء في المشروع، ما يمكنها من بيع كامل المشروع قبل البدء فيه في بعض الحالات، ولا شك أن للبيع على الخريطة سلبيات، منها أن مثل هذا النوع من العقود يحتاج إلى مجموعة من الضمانات التي تجعل الشركة التي تقدم مثل هذا النوع من المشاريع ملتزمة بتسليم تلك الوحدات في الوقت المحدد وبالمواصفات المتفق عليها، كما أن مثل هذا العقد يتضمن مجموعة من المخاطر على الشركة التي تعرض مثل هذا النوع من العقود ومن ذلك تقلبات أسعار مواد البناء، خصوصا أن مثل هذه العقود قد تستمر إلى فترة قد تصل إلى ثلاث سنوات وهذه الشركات تعتمد بصورة كبيرة على تنفيذ عملية البيع لمعظم الوحدات قبل البدء في المشروع خصوصا في عمائر الشقق السكنية التي يتضمن الإعلان عنها التزاما بالتنفيذ، وبقاء جزء من هذه الوحدات السكنية دون بيع قد يكون مكلفا على الشركة المنفذة.
التمويل الإسلامي يمكن أن يخدم نجاح البرنامج بصورة كبيرة، حيث إن إحدى الصعوبات التي يمكن أن يواجهها البيع على الخريطة هي أنه كيف يمكن للشركة المنفذة أن تضمن التزام العملاء بالدفعات المطلوبة في الموعد المحدد لتتمكن الشركة من تنفيذ كامل المشروع خلال الفترة المتفق عليها، إذ إن إخلال البعض بالتزاماته قد يكون مكلفا على الشركة المنفذة، كما أن تقديم العميل جزءا من الدفعات وتأخره في سداد البقية قد يؤدي إلى الإضرار به وأن يفقد جزءا من المبالغ التي دفعها للشركة، ولذلك فإن بداية هذا البرنامج المشروع كان فيه شراكة بين وزارة الإسكان وبعض الشركات العقارية لضمان تسليم الجزء الأكبر من قيمة العقار عن طريق ما خصص لبعض المواطنين من صندوق التنمية العقارية.
المؤسسات المالية الإسلامية يمكن أن تقدم مجموعة من المنتجات التي تتناسب مع نظام البيع على الخريطة لتمويل الأفراد لشراء السكن بالتقسيط الذي يتناسب مع إمكاناته المالية، ومن أمثلة تلك العقود عقد الاستصناع والاستصناع الموازي، وهو نوع من العقود مأخوذ من عقد الاستصناع المعروف في الفقه الإسلامي، والاستصناع في الفقه الإسلامي هو اتفاق بين المستصنع وهو الذي يطلب من شخص بناء الوحدة السكنية، والصانع الذي ينفذ البناء. والتطبيق المعاصر لمثل هذا النوع من العقود يتمثل في أن تكون المؤسسة المالية وسيطا بين العميل والشركة العقارية التي تقدم البيع على الخريطة، حيث إن المؤسسة المالية ستكون الصانع والعميل المستصنع في العقد بينها وبين العميل، في حين أنها ستكون المستصنع مع الشركة العقارية والشركة العقارية هي الصانع في علاقتها التعاقدية مع المؤسسة المالية الإسلامية، وهذا ما جعل الفقهاء المعاصرين يصفون هذا العقد بأنه استصناع واستصناع مواز، وهذا النوع من العقود يمكن الأفراد من شراء الوحدة العقارية بأقساط تتناسب مع دخولهم الشهرية في حين أن الشركة العقارية تضمن الحصول على الدفعات في الوقت المناسب، كما أن دخول المؤسسة المالية طرفا في العقد يحقق التزاما أكبر من الشركة العقارية بالمواصفات المتفق عليها باعتبار أن لديها كفاءة أكبر في متابعة تنفيذ هذه المشاريع وقدرة على اتخاذ الخطوات التي تضمن تعويضها في حال إخلال الشركة العقارية بتنفيذ التزاماتها، خصوصا أن عقودها مع عملائها قد تستمر إلى 20 عاما، وهذا يجعلها تحتاط بصورة أكبر.
فالخلاصة أن التمويل الإسلامي يمكن أن يقدم خيارات يمكن أن تزيد من فرص طرح مزيد من الوحدات السكنية التي يمكن أن تباع على الخريطة، وعقد الاستصناع والاستصناع الموازي هو أحد العقود المناسبة لعقود بيع الوحدات العقارية على الخريطة، الذي يمكن أن يمكّن المواطن من الحصول على السكن بأقساط تتناسب مع دخله، ويمكّن الشركة العقارية من الحصول على السيولة في الأوقات المحددة المتفق عليها.