وزارة الإسكان اليوم تتحرك أفقيا وعموديا سعيا إلى الوصول إلى النسب المستهدفة لنسب تملك المواطنين السكن في المجتمع، وملتزمة بمجموعة من الخيارات التي تمكن المواطن من الحصول على سكن عبر مجموعة من طرق التمويل، إضافة إلى المشاركة في بناء الوحدات السكنية للمواطن، والحقيقة أن مسألة السكن في المملكة تعد إحدى القضايا الأبرز التي تشغل المواطنين، وفي ظل وجود عدد كبير غير متملك للسكن فإن القلق قائم بأن تزداد نسب عدم التملك مع الوقت إذا لم يكن هناك حلول عملية تشجع المواطن وتمكنه من الحصول على السكن باعتبار أن المجتمع يغلب عليه جيل الشباب الذي يتطلع إلى تكوين أسرة، ولعل أحد أهم عوامل الاستقرار للفرد هو تملكه لمسكن يقيم فيه هو وأسرته.
خطوات وزارة الإسكان اليوم التي تعتمد التنوع في المنتجات وتقديم مستوى مختلف من الوحدات السكنية باعتبار التباين في احتياجات الفرد وإمكاناته، إضافة إلى مسألة تشجيع الفرد للحصول على سكن في فترة أقل من السابق إذ إن التمويل السائد في الفترة الماضية كان يعتمد على تقديم قرض حكومي وهذا القرض في حد ذاته لا يعني حصول الفرد على سكن نظرا لتفاوت الأفراد في فترة البناء التي قد تمتد ببعضهم إلى سنوات في حين أن المنتجات الحالية تقدم له بعض الخيارات التي يمكن أن تملكه السكن فورا.
موضوع الإسكان وتمكين المواطن من السكن اليوم ليس موضوعًا محددًا بفترة معينة أو أنها أزمة يمكن البحث فيها عن علاج لتنتهي ولا يحتاج بعدها إلى برامج ومبادرات ولكنها في الواقع احتياج متجدد، حيث إن الوضع الحالي يمكن أن ينتهي بإذن الله مع الوقت وتبقى أهمية وجود برنامج يمكن أن يحقق للمواطن فرصة السكن دون الحاجة إلى الانتظار طويلاً لتتراكم الطلبات مستقبلا مرة أخرى ومن هنا تأتي أهمية العناية بخطط الوزارة بما يمكن من الاستدامة في فرص الحصول على سكن للراغبين من المواطنين، وذلك من خلال برامج متنوعة منها: الاستثمار، حيث إن الوزارة تعمل اليوم على إنشاء مجموعة من الوحدات السكنية وبالتالي يمكن لها اليوم أن تخصص مجموعة من الأراضي لاستثمارها في مجالات متعددة تقدم خدماتها لسكان تلك المناطق وتوفر دخلاً مستمرًا للوزارة، كما أن الوفرة المالية التي لديها يمكن أن تستفيد منها من خلال الاستثمار في مختلف الأدوات المالية، والوزارة نظرا لحاجتها إلى الإشراف على مشاريعها بصورة أكثر انضباطا فإنه من الممكن أن تنشئ شركة تتولى مسألة الإشراف الهندسي، حيث تعمل للإشراف على مشاريعها، إضافة إلى الإشراف على المشاريع الحكومية والقطاع الخاص بما يحقق لها عائدًا جيدًا، ويمكنها أيضا الاستفادة من الأموال التي ستتحصل عليها من خلال رسوم الأراضي البيضاء لاستثمارها في مشاريع تجارية، وبناء عليه فإنه من الممكن أن تعمل الوزارة على بناء منظومة للاستثمار تتكون من بنك للتمويل وبنك للاستثمار ووحدة التشغيل، التي يمكن أن تنشأ من خلالها شركات للاستشارات الهندسية ومن الممكن أن تنشأ أيضا شركات للمقاولات لا يقتصر نشاطها على أعمال الوزارة.
للعمل على الاستدامة من المهم أن تعمل الوزارة في الوقت الحالي على تحديد مواقع لمشاريعها في المستقبل، ولعل من المناسب اختيار الملائم من المدن الصغيرة والضواحي القريبة حاليا من المدن الكبرى بدلا من إنشاء مدن جديدة للتخطيط لبناء منظومة متكاملة تهيئ سكان المدن والعاملين فيها للإقامة فيها وتشجيع ازدهار المدن الصغيرة بما يحقق الاستفادة من الإقامة فيها حاليا ويشجع أبناءها على الهجرة العكسية لتنميتها.
فالخلاصة أنه من المهم العناية باستدامة فرص تمكن المواطن للحصول على سكن، وللوزارة خطوات جيدة تتمثل في تنوع المنتجات للمواطن، واليوم ينبغي أن تكون هناك خطط تعزز من موارد الوزارة، إضافة إلى العمل على الاستفادة من المدن القريبة من المدن الكبرى لتنفيذ مجموعة من المشاريع التي تمكن من بناء أحياء فيها وتوفر الخدمات التي تمكن المواطن المقيم الذي يعمل في المدن الكبرى للسكن في تلك المدن وتشجيع الهجرة العكسية لأبنائها لتنميتها.