الوحدات السكنية الشائعة في الأحياء غير الشعبية إما فلة أو شقة. والدبلكس نوع خاص من أنواع الفلل الصغيرة، إلا ما ندر، ومعروف أن كلا العنصرين المسطحات ومساحة الأرض في الدبلكسات هما غالبا أقل مما في الفلل، ومن ثم فأسعار الدبلكسات عادة أقل من أسعار الفلل العادية، لكنها أعلى من أسعار الشقق.
بعد هذه المقدمة، لنقل إن متوسط أسعار شقة بمسطحات 150 م2 هو 350 ألف ريال في المدن الكبيرة، ولنقل إن متوسط أسعار دبلكس بمساحة أرض أو مسطحات بناء 220 م2 هو 850 ألف ريال في كبريات المدن. ومن المهم أن أؤكد أن المقصود متوسط الأسعار السائدة أو التي يتوقع الجادون في التملك أنها ستكون خلال عام إلى ثلاثة أعوام.
أخذا بعين الاعتبار محدودية في الدعم الحكومي للإسكان، فإن كثيرين – ربما نصف العوائل – يملكون قدرة على شراء وحدات سكنية لا يتجاوز سعر الواحدة نصف مليون ريال تقريبا عبر تمويل مصرفي، لكن الشقق غير مرغوبة من وجهة نظرهم – وليس من وجهة نظر غيرهم وهذه نقطة مهمة -، لأسباب كثيرة تخصهم. وأما الفلل وبالأخص الدبلكسات وفي المواقع المناسبة لهم وبالأوصاف السابقة فأنسب كثيرا لهم من الشقق، لكن أسعارها غير مناسبة لهم ماديا، أي أنها تفوق قدراتهم في الحصول على تمويل مصرفي وفق الشروط والضوابط السائدة.
السؤال ألا يوجد حل وسط؟ ألا يمكن توفير سكن مستقل في المدن الكبيرة أنسب من الشقة أو الدور في فلة، متوسط مساحة أرضه أو مسطحاته في حدود 175 م2 تقريبا، وسعره في حدود نصف مليون ريال تقريبا؟
الجواب أراه في أحد اثنين:
شراء أو بناء تاون هاوس متوسط مساحة أرضه أو مسطحاته في حدود 175 م2.
شراء أرض تصلح لفلة صغيرة، وبناء طابق واحد فوق الأرضي فقط، وربما أيضا بناء جزء صغير من الطابق الأرضي. وإكمال البناء لاحقا بعد سنين، حيث تسدد كل أو معظم الأقساط وتكبر العائلة.
بقية المقال عن الأول التاون هاوس.
التاون هاوس عبارة عن سكن مستقل له واجهتان فقط أمامية وخلفية، ضمن عدة مساكن متجاورة متلاصقة. ويتكون عادة من طابقين وربما ثلاثة، وقد يكون فيه قبو. ومسطحات الطابق الواحد غالبا تدور بين 70 و100 م2. تتكون عادة من استقبال ومطبخ ودورة مياه في الأرضي، وغرف نوم عادة اثنتين أو ثلاث في العلوي. وباقي الأرض يتوزع غالبا على فناءين – حوشين – أمامي وخلفي. الأمامي قد يخصص موقفا لسيارة أو سيارتين، أو حديقة صغيرة، ومن ثم، قد يكون الموقف جزءا من مبنى الطابق الأرضي. أما الفناء الخلفي فمساحته في حدود 50 م2، ومن ثم فمساحة الأرض غالبا تراوح بين 150 م2 و200 م2. وقد يكون التاون هاوس وحدة سكنية مستقلة على شارع عام، أو ضمن مجمع سكني يحوي مرافق مشتركة كالمواقف والملاعب.
أعجب من خلو مدننا من هذا النمط من السكن، رغم أنني أراه خاصة لكثير من العوائل الصغيرة خيارا أنسب من دور أو شقة.
من الخطأ محاولة جعل ذوي الدخول المتوسطة أو أقل، يعيشون في أحلام أن أسعار المساكن ستنهار، ومن الظلم ربطهم بأقساط غير ميسرة سنين طويلة.
وهنا مزيد توضيح لمعنى قسط ميسر. أكثر المعايير قبولا في دول العالم في التعرف على القدرة السكنية – الميسرة – تستند إلى أن تكلفة السكن – القسط الشهري – ينبغي ألا تتجاوز ثلث دخل العائلة من حيث المتوسط خلال فترة السداد التي تمتد لسنوات طويلة. وغالبا ما تشمل هذه التكلفة تكاليف المرافق العامة كالكهرباء والماء. وهذا يعني أن تكلفة السكن وحده دون المرافق ينبغي أن تقل عن الثلث. وإذا زادت تكلفة السكن عن 35 في المائة من دخل العائلة، ففي غالب الدول يبدأ في الدخول إلى فئة السكن غير الميسر، الذي تشكل تكلفته عبئا ثقيلا على العائلة.
وتطبيقا لما سبق، فإن المسكن في المدن الكبيرة ينبغي ألا يتجاوز سعره نصف مليون ريال تقريبا حتى يصبح تملكه بتمويل مصرفي غير صعب أي قسطه الشهري في حدود ثلث الدخل، لأولئك الذين يراوح دخلهم الشهري بين 8000 و13000 ريال، وتقديري أن نحو نصف العوائل دخولها كذلك.
وهذا سعر يمكن انطباقه على تاون هاوس بالأوصاف السابقة في هذا المقال لو وفر في أحياء كثيرة – مطورة مخدومة – في مدننا الكبيرة. ومن يرغب في مساحة أكبر دون تحمل قسط تمويلي أكبر، فله أن يبني الطابق فوق الأرضي، ويترك الطابق الأرضي – يستغله ملاعب لأطفاله مثلا – عددا من السنوات حتى تتحسن أحواله المادية.
وينبغي على وزارتي الشؤون البلدية والإسكان وعلى صندوق التنمية العقارية تطوير أنظمة تناسب هذه الأنواع من السكن. وبالله التوفيق.